سمير خليل
تعتز الشعوب بموروثاتها ومعالمها العمرانية والاقتصادية ومنها الاسواق، التي تأخذ حيزا كبيرا من العناية لاهميتها وترسخها في وجدان الشعوب مكانا للاصالة وعبق التاريخ، وشواهد على تطور وتنامي المجتمعات وحضاراتها ومحال للتسوق واقتناء حاجات الحياة بتنوعها.
احيان كثيرة تصبح هذه الاسواق معلما سياحيا يحرص الزائر من الخارج على زيارتها وتوثيق هذه الزيارة ويتذكر كبارنا كيف كان السائح لبلدنا يضع في مقدمة اهتماماته زيارة هذه الاسواق مثل سوق الصفافير وسوق السراي وسوق الشورجة وغيرها.
اليوم تشكو بعض هذه الاسواق قلة زوارها بسبب الظروف التي مرت بها البلاد، وغلبة التهافت على المواد الغذائية بالدرجة الاولى، لذلك انتعشت الاسواق الشعبية، وتصدرت مشهد الاهتمام اليومي كونها توفر الخضر والفواكه والمواد الغذائية الاخرى .
بغداد، عاصمتنا الحبيبة تضم مجموعة من الأسواق القديمة التاريخية التي يعود تاريخ بنائها إلى عهد الدولة العباسية أو الدولة العثمانية والتي مازالت تواصل الحياة بشكل يومي، وتضم بغداد مجموعة حديثة من الأسواق والمولات التي بنيت في العصر الحاضر ومن اهم الاسواق القديمة:
(سوق السراي) ويقع في جانب الرصافة من العاصمة بغداد بالقرب من شارع الرشيد وفي نهاية شارع المتنبي، ويشتهر بتجارة الدفاتر والقرطاسية والأوراق والكتب المدرسية، لا يتعدى طوله 300 متر ولا يزيد عرض ممر المشاة فيه على ثلاثة أمتار ويعد من أقدم الأسواق في بغداد و تزامن بناؤه مع بناء جامع الوزير حسن باشا ابن الوزير محمد باشا عام 1660م.
(سوق الشورجة) من أسواق بغداد القديمة والمشهورة، يعود تاريخ انشائه إلى عهد الدولة العباسية، ويمتد موقعه القديم من شارع الكفاح ثم شارع الجمهورية ولغاية موقع جامع مرجان في شارع الرشيد، ويحوي كل ما يتعلق بالتوابل والعطاريات والاعشاب، اضافة الى الاكسسوارات ومواد الزينة والزهور الاصطناعية.
(سوق الصفافير) الذي ترجع تسميته بهذا الاسم نسبة للصفر (معدن النحاس)، ويشتهر بصناعة الصحون والأواني المنزلية وأباريق الشاي والكاسات والملاعق وإطارات الصور، والفوانيس النحاسية والنقش عليها، والسوق عبارة عن مجموعة من المحال المنتشرة في الأزقّة الضيقة الواقعة في منطقة باب الآغا قريبا من الشورجة في شارع الرشيد، مقابل مبنى جامع مرجان ويجاور شارع النهر، تباع في سوق الصفافيرالمصنوعات والأدوات النحاسية. ويعود تاريخه لعصر الخلافة العباسية ويكاد يكون الوحيد الذي فقد بريقه التجاري بسبب عزوف الناس عن اقتناء منتوجاته، وكذلك قلة وانعدام زيارة السواح العرب والاجانب.
(سوق الغزل) معروف في بغداد يقع قرب جامع الخلفاء في الشورجة، يختص ببيع الطيور الأليفة وبعض الطيور البرية النادرة كالصقور والطواويس، إضافة إلى الكلاب النادرة، وأسماك الزينة، وكذلك محال صغيرة لبيع الحبوب الجافة والبقوليات والأعشاب ومحال أخرى.
(سوق الهرج) يقع وسط بغداد تباع فيه الأدوات المستعملة والأغراض القديمة جداً والتي تكون ذات قيمة تاريخية أثرية، وقد تجد هناك فيه كل نادر وغريب وما لا تجده في غيره من الأسواق، اضافة لبعض المواد المنزلية والملابس المستعملة، وفيهِ الكثير من التحف الفنية الراقية ويرتاده الناس لانخفاض أسعار بضائعه، ويمتاز بافتتاح خاص كل يوم جمعة حيث يكثر فيه الباعة والمتسوقون، ويرجع تاريخ بناء هذا السوق إلى عهد الدولة العثمانية حيث شق الوالي العثماني ناظم باشا شارعاً سمي باسم شارع ( خليل باشا جاده سي ) على اسم خليل باشا حاكم بغداد عام 1910م، ثم سمي باسم شارع الرشيد، وسمي السوق باسم سوق الميدان وهي التسمية العربية القديمة له وأقدم من التسمية التركية (سوق هرج) والتي تعني الفوضى وعدم النظام. وكانت سيدة الغناء العربي أم كلثوم قد غنت فيه عام 1935 في زيارتها الى بغداد.
اليوم وبعد الانفتاح التجاري والاقتصادي الذي خيم على المشهد العراقي برمته بدات مرحلة المولات التي توزعت في بغداد وصارت مكانا لتبضع الناس، اضافة للاسواق الشعبية المنتشرة في مناطق العاصمة والتي تؤمن الفواكه والخضر وباقي المواد الغذائية ومن مولات بغداد: ماكسي مول وبغداد مول ومول المنصور وبابليون مول ومول النخيل.
أسواق بغداد القديمة..شواهد تاريخية لموروث شعبي
التعليقات مغلقة