توظيف الأسطورة في القصّة العراقية الحديثة
حذام يوسف طاهر
موضوع توظيف الأسطورة في الادب العربي، قديم قدم الكتابة وسر الحكايات الاولى في الادب بصورته الاولى البسيطة ، وتوظيف الاسطورة وصل الى تفاصيل السرد والنص الشعري العربي المعاصر، وأبرز الادباء العرب والعراقيين تناولوا موضوع الاسطورة ووظفوه في اعمالهم الادبية، كل على وفق رؤيته للموضوع وكيف يمكن أن يدخل الاسطورة بطريقة بعيدة عن الحشر، لاسيما وان هناك جدلا حول أصل الاسطورة/ فهل هي الخرافة ام هي التاريخ، ام هي الفلكلور، ام هي جزء لا يتجزأ من اثنولوجيا وصفية، ما تزال بوصفها بنية معرفية عميقة تتعلق بمعتقدات الشعوب وروحانياتها واعرافها وتقاليدها، تفعل فعلها في تاريخنا المعاصر؟ انها مزيج من هذا وذاك، نجد ان قلة النقاد والباحثين الذين استطاعوا حصر المعنى للأسطورة، او التخفيف من غموضه داخل النص، قد تصل الاسطورة احياناً الى ضبابية الصورة وتداخلها مع الخرافة مايزيدها غموضا، وكما يقول الدكتور محمد عبد الرحمن يونس :» التاريخ نفسه يصبح لدى جيل من الاجيال اسطورة، فشخصية الحلاج وشخصية الحسين بن علي، والمسيح بن مريم، شخصيات تاريخية لكن بعدها الانساني، ومدى تأثيرها في الفكر العربي ما يزال يفعل فعله بشكل اسطوري يفوق حد التخيل..».
الدكتور فرج ياسين في كتابه ( توظيف الاسطورة في القصة العراقية الحديثة، الصادر عن دار الشؤون الثقافية العامة، يحاول أن يبحث في ايديولوجيا الانسان الاول ( الاسطورة )، وانتقالها عبر العصور الى مشاغل الفلاسفة وعلماء النفس، الى وصولها أخيرا لبيت القصة العراقية المعاصرة، وتحديث أساليب السرد وآلياته، لينفتح على افق فنية جديدة، يقول الناشر في مقدمته للكتاب، « تأتي أهمية الفصل الاول في هذا البحث، من كونه، حاول أن ينصب من نفسه مرآة مرجعية أغنت الفصلين الاخرين عن الهوامش والشروح، عبر آلية اتصال، يعتقد الباحث أنه أحكم أطرافها، لكنه يلتمس العذر كلما رافقت آلية التحليل الفني في أخذ دورها، وبدت النصوص وكأنها لاتقوى على تسلق أبراج النظرية العالية، وهو ــ في رأينا ــ أمر يتعلق بالعمق التاريخي والمعرفي الذي تتمتع به النظرية على حساب التجربة القصصية المعاصرة في العراق ، الامر الذي تعاني منه أكثر البحوث المشابهة في حدود إطلاعنا وهو ما هيأ لنا شحذ آليات مرقاب نفسي، ظل يطل على جزئيات البحث في محاولة لانتظام أجزائه وانسجامها «.
الكتاب ضم في بحثه ثلاثة فصول، اهتم الفصل الاول بالاسطورة والتوظيف السردي، بينما ركز الفصل الثاني على مظاهر توظيف الاسطورة، المفردة الاسطورية، و طقوسها، فيما حاول الفصل الثالث شرح تقنيات السرد الاسطوري ووظائفها في بنية القص الحديث، بأكثر من مبحث عن الشعر ، التكرار، الزمان والمكان، الرؤيا، التناص، والحوار.
يترسل الكاتب في عرض تفاصيل بحثه حول توظيف الاسطورة في القصة العراقية الحديثة، وبرغم جهده الواضح والمائز في موضوع البحث، الا انه في خاتمته يؤكد على ان البحث الاكاديمي مهما بلغ من درجات النضج والعلمية والابتكار، فأنه لاتتاح له فرصة قول كل شيء، لاسيما اذا كان موضوع البحث جديدا في بابه، ليس على الصعيد الاكاديمي حسب، بل على الصعيد النقدي الاكثر تحررا في تقبل موجات الحداثة.