وداد إبراهيم
أخبرتني إحدى مديرات مدارس المراهقات أن فتاة مصابة بداء البهاق أصبحت محط تنمر الأخريات في الصف، وكلما زاد مرضها زاد التنمر عليها، مما دفعها إلى مصاحبة أشرس الفتيات في المدرسة والاتفاق معهن على مشاركتها في عراك خارج المدرسة ضد المتنمرات عليها. كما عُرف عنها أنها تجلب يوميًا إما الحلويات أو المأكولات ليشاركنها في جولة عراك حامية بعد انتهاء الدوام المدرسي في حديقة قريبة من المدرسة. وتقول المديرة: “لا أستطيع التدخل لأن العراك لا يحدث داخل المدرسة، بل خارج الدوام الرسمي، لكني أحاول يوميًا تنبيه الطالبات إلى خطورة التنمر على الأخريات وكلنا يعرف مدى تأثر المراهقات بالصديقات وتأثرهن بكل تصرف غريب او جديد من الاخريات
الفتاة اختارت أسلوبًا قاسيًا للدفاع عن نفسها، بعدما سئمت من تنمر زميلاتها عليها، خاصة تعليقاتهن حول نظارتها البيضاء والسخرية منها.
يعتبر علماء النفس التنمر عنفًا لفظيًا وجسديًا يجب التصدي له، خاصة في البيئة المدرسية، وهذه مسؤولية إدارات المدارس، بل ووزارة التربية، للنظر في خطورة هذه الظاهرة وتأثيرها السلبي على الطلبة وعلاقاتهم مع أقرانهم. قد يكون التنمر في بعض الأحيان مجرد دعابة، لكنه إذا تكرر يصبح محرجًا ومؤذيًا، مما يؤثر على رغبة الطالب في الحضور اليومي للمدرسة. ولعل ظاهرة التنمر ازدادت بين المراهقين وطلبة المدارس، لا سيما في ظل انتشار شبكات التواصل الاجتماعي ومقاطع الفيديو التي تُظهر تنمر الأحفاد على الجدات والآباء والأمهات، ما وفر لهم طرقًا عديدة للتنمر على أقرانهم.
لكنني أرى أن من مسؤولية الباحث الاجتماعي في المدارس تقديم توجيهات للطلبة حول ضرورة الابتعاد عن هذا السلوك، خاصة أن ديننا الإسلامي حذر من التنمر، كما جاء في قوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُم”
يمكن أن يكون هذا الموضوع محورًا لندوة شهرية أو أسبوعية تُعقد في المدارس، من المرحلة الابتدائية إلى الإعدادية، بل وحتى في الجامعات، من أجل الحد من هذه الظاهرة الاجتماعية التي تؤدي إلى العديد من المشكلات النفسية والاجتماعية.