كان يا ما كان، عندما كان تعليم الرياضيات على يد بعض معلمي اللغة العربية (وطبعاً، ليس جميعهم) للصف الأول الابتدائي خصوصاً (كتاب الرياضيات للصف الأول مناسب لهذا المستوى، فهو بداية لسلسلة مناهج الرياضيات، وكل منهج يقدّم مادته وفقاً لعمر تلاميذه، ومن يقفز عن الدرج يسقط!)، فألبسوا أنشتاين النقاب، وقالوا له: حتى اللغة العربية أهم منك (والحقيقة أن كل المواد الدراسية مهمة)! هذا في ظل عصرنا، عصر الحروب التكنولوجية التي جعلت من بعض الدول القدرة على إبادة الدول الأخرى من دون مواجهة، ولو واجهتنا كجنود لانتصرنا عليهم بسهولة، ولأننا نسخر من العلوم التي صنعتهم، سخروا منا وأصبحنا بنظرهم دول العالم الثالث.
فالآن، مع محاولات بعض قادتنا في نهضة التعليم، ما زلنا نعاني من تلك السنين التي اعتاد عليها المجتمع، فقد تعلموا أن الرياضيات يمكن أن يكون بلا تفكير ولا استنتاج (كما هو مفروض الآن في فقرات المنهج الجديد كخطة حل المسألة وفكر)، وإلا فإن الأمر سيكون صعباً، والمنهج صعب، ومعلم الرياضيات يصعب الأمور. وخصوصاً أننا شعوب استهلاكية لا تحب الإنتاج والصناعة، فكيف نصنع وموادنا العلمية قد أضعناها بتعاملنا معها كاللغة والاجتماعيات! ولا يقتصر الأمر على ذلك، بل شعوبنا تحارب المتميز فتشتري حقوقه بورقة تدعى الشهادة، التي يحصل عليها من أشخاص يُدعون أساتذة، وهم قد اشتروا شهاداتهم كذلك! فلا يقبل الشخص الشريف أن يبيع نفسه.
عموماً، يُفترض الآن علينا أن نهمل ما وصل إليه الرياضيون وتلاميذنا المتميزون، لنرضي حماقات المجتمع! لذا، يعاني أهل الرياضيات، اليوم، من هجمات متكررة من بعض المعلمين وأولياء الأمور، الذين يحاولون إرجاع ملك العلوم إلى العد وعملياته الحسابية الأساسية، التي تفيدنا في السوق، فغير ذلك يعتبر تبذيراً لموارد عقولنا المدفونة! الحقيقة أن الكثير من الناس بسطاء، لا يفكرون لمدى بعيد، يريدون أن يمر يومهم، وكلما كان سهلاً شعروا بالراحة. لذا، هذه المهمة لأهل العقول الذين يريدون لوطنهم أن يعود إلى الصدارة، فلسنا أقل من أحد، بل ولسنا أقل من الهند أو اليابان. بالعكس، عندنا تاريخ بالحضارة والعلم والقوة، وذكاء شعبنا مشهود له في كل العالم، لكننا نحتاج إلى المثابرة في العلم والعمل وفرض الصواب على من أستسهل الخطأ واعتاد عليه.
مريم كريم التميمي
التعليقات مغلقة