سلام مكي
أكثر من 150 طفلا وامرأة، دفنوا داخل مقبرة جماعية، في السماوة، هو ما تم العثور عليه أول أمس. صور مؤلمة، لأطفال، ملابس لنساء، حقائب، أحذية، كلها لازالت على صورها، عدا جثامين الشهداء، نالتها الأرض، فحولتها الى مجرد عظام بالية. في مشهد مأساوي، يعيدنا الى الأيام الأولى لسقوط الصنم، حيث نطالع يوما صور العراقيين، وهم يبحثون عن أبنائهم، في مقابر جماعية، تضم الآلاف من العراقيين، الذين دفنوا أحياء في مقابر جماعية، لا لشيء، إلا لأنهم ولدوا في زمن، كان الحكم فيه للدم! ورغم أن 21 عاما مضت على سقوط النظام الدموي، إلا أن هناك المزيد من المقابر الجماعية التي تكتشف. أول أمس، كان هناك عراقيون أكراد، أطفال ونساء فقط، لم يرتكبوا أي ذنب، ولا يعرفون ما هي السلطة والمعارضة، ولم يشكلوا تهديدا على النظام في يوم من الأيام، لكن القدر، شاء أن يموتوا بعيدا عن أهلهم، في أقصى جنوب العراق، وهم القادمون من أعالي الجبال.
للأسف، لازلت مواقع التواصل الاجتماعي، تمتلئ بمنشورات تمجد ذلك النظام، وتقارن بين ذلك النظام وهذا. أما الكلام عن الانسان الذي يفترض أنه أثمن ما في الوجود، فلا نجد له وجودا أبدا. نعم، هي مقبرة، تضم أجسادا لعراقيين، ماتوا بعد أن قتلتهم آلة الموت الصدامية، لشعورها بأنهم، قد يشكلون تهديدا على النظام، لكنهم مجرد أناس عزّل، أطفال كان أهلهم، يحلمون بأن يكبروا، ويكونوا سندا لهم في الحياة، لكن النظام، شاء أن يكونوا هم وأهلهم تحت التراب في وقت واحد! لا نعلم، كم من المقابر سنكتشف، وكم من العراقيين لازالوا مدفونين بشكل غير لائق. النظام، لم يكتف بأن يقتل من يعتقد أنهم ضده، بل كان يستكثر عليهم الموت بطريقة تليق بهم، بطريقة تنتهك حرمتهم. إن تلك المقابر، تكشف لنا عن مدى وحشية وإجرام ذلك النظام، ولو قارنا بينه وبين نظام الأسد الذي سقط مؤخرا، سنجد أن الأسد، كان يعذ معارضيه ويدفن من يموت جراء التعذيب في أماكن خاصة. أما نظام صدام، فلم يترك شبرا إلا ودفن فيه عراقيين!