أمام الحكومة المزمع تشكيلها خلال الفترة المقبلة، جملة من التحديات والاشكاليات القانونية والسياسية والشعبية التي لا تقل خطورة عن التحديات التي واجهتها حكومة حيدر العبادي، ففيما يتعلق بالجانب الشعبي، ماتزال ساحات التظاهرات ترفض تولي علاوي المنصب، وثمة من يهدد باتخاذ مظاهر احتجاجية مختلفة وتصعيدية نتيجة للاختيار، والسبب لا يخص شخص محمد علاوي بقدر ما يخص الآلية التي تم اختياره بها، فهي آلية لا تختلف عن الآلية التي تم بها اختيار عبد المهدي، والجهات التي رشحت علاوي هي نفسها التي رشحت عبد المهدي، بالتالي فإن هذا الأمر يتعارض مع مطالب المتظاهرين الذين يريدون رئيس حكومة من خارج رحم الكتل السياسية، رئيس حكومة يمثل تطلعات المتظاهرين واهدافهم، يكون مسؤولا أمامهم فقط وليس أمام الكتل السياسية التي قامت بترشيحه. علاوي، ذلك السياسي الذي شغل منصبا وزاريا في الوزارة التي تشكلت بعد اجراء الانتخابات البرلمانية التي تمخضت عن تشكيل الحكومة الدائمة، برغم عدم وجود ملفات فساد بحقه، عدا ما يثار خلال مواقع التواصل الاجتماعي من قضايا لم تثبت ضده لحد الآن، مازال يلقى معارضة من المتظاهرين، برغم أنها ليست بالمعارضة القوية، إلا أن الأمر يمس مدى شرعية حكومته.
لكن موقف المتظاهرين، قد يتغير لصالح علاوي إذا ما استغل الفرصة وقرر أن ينحاز لهم على حساب الكتل السياسية، وهو ما تشير إليه المعطيات الحالية اللاحقة لخطابه المتلفز الذي طلب من خلاله إدامة التظاهر بوصفه الفعل الأكثر قدرة على تشكيل وسيلة ضغط فاعلة ومؤثرة على القوى السياسية، اضافة الى تشكيلها قوة دعم لصالحه، لتحقيق ما تعهد به. ولعل اجراء انتخابات مبكرة هو أهم هدف لحكومته، التي يوصفها البعض بأنها حكومة وقت أو مؤقتة وليست حكومة دائمة تنتهي ولايتها بانتهاء المدة المحددة دستوريا وهي 4 سنوات يستقطع منها المدة التي تولاها عبد المهدي. لكن: هل ثمة فرصة حقيقية لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة؟
هل ثمة امكانية واستعداد لدى الكتل السياسية والتنفيذية وأقصد مفوضية الانتخابات لاجراء انتخابات جديدة؟ الواقع القانوني وحتى الدستوري، يشير الى وجود استحالة قانونية لاجرائها في وقت قريب، والسبب، يعود الى اشكاليات قانونية عدة ، منها ان قانون الانتخابات، برغم اقراره، من قبل مجلس النواب، لكن لم تتم المصادقة عليه لحد الآن، والسبب يعود الى عدم إلحاقه بالجداول الخاصة بمتطلباته الأخرى والتي لم تذكر في متن القانون، كالآليات الخاصة بحصر الدوائر الانتخابية، وطريقة احتساب الكوتا النسائية، وطريقة احتساب الأصوات وغيرها الكثير من الأمور التي لابد من وجودها كي نضمن تطبيقا سليما وكاملا للقانون، وهو ما لم يتحقق بالقانون. الاشكالية الأخرى المتمثلة بالمحكمة الاتحادية التي يرى مجلس القضاء الأعلى أنها غير مكتملة كون أن أحد أعضائها أحيل على التقاعد وبالتالي نقص عدد اعضائها. ومن المعلوم ان دور المحكمة الاتحادية هو تصديق نتائج الانتخابات والنظر في الطعون المقدمة بعد اعلان النتائج. ولعل التحدي الأكبر للحكومة الجديدة هو طريقة اختيار اعضائها. هل ستكون تلك الطريقة على وفق سابقاتها، أي أن يتم اختيار الوزراء عن طريق المحاصصة؟ أم تمنح الكتل السياسية رئيس الحكومة صلاحية اختيار وزرائه بنفسه؟ والتحدي الآخر، هو مدى قدرة الرئيس المكلف على التوفيق بين مطالب المتظاهرين ومطالب الكتل السياسية التي قد تتقاطع حتما.
سلام مكي