إيران تتعمد المماطلة في مفاوضات الملف النووي باستغلال الوقت المفتوح

بعد اخفاق مباحثات الجولة الأخيرة…مراقبون

الصباح الجديد ـ متابعة:

كشف تحديد جولة جديدة في الأسبوع المقبل لمباحثات الملف النووي الإيراني، ان مفاوضات إحياء الاتفاق مع إيران لم تحقق أي نوع من التقدم، ففي الوقت الذي تتفاوض إيران على عودتها للاتفاق النووي لعام 2015، إلا أنها وضعت آلية جديدة لتسريع وتيرة إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المئة، رغم أن النسبة المحددة في الاتفاق الدولي لا تتجاوز 4 في المئة، وفق ما أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وأعرب الأوروبيون بعد نهاية الجولة الأخيرة، عن “خيبة أملهم وقلقهم” بعد أيام قليلة من استئناف المفاوضات في فيينا بشأن البرنامج النووي الإيراني، بحسب دبلوماسيين من فرنسا وألمانيا وبريطانيا.
وأكد متحدث باسم الخارجية الأميركية، الجمعة، أن الإدارة الإيرانية الجديدة لم تأت إلى فيينا بمقترحات بناءة، وأن “مقاربة إيران هذا الأسبوع لم تحاول حل القضايا المتبقية”.
فما الذي تريده إيران من مفاوضات الاتفاق النووي؟ هل هي جادة في التفاوض لإعادة إحياء الاتفاق النووي؟
يجيب المحلل السياسي الإيراني حسين روريان، إن “إيران بالتأكيد تريد إحياء الاتفاق النووي، خاصة في ظل ما تعانيه من عقوبات اقتصادية، ولهذا فهي تريد تطبيق الاتفاق النووي لعام 2015 ورفع العقوبات الدولية”.
وأضاف “أنه لا حاجة للتشكيك بنية طهران في تطبيق الاتفاق النووي أو في جديتها بالمفاوضات والمباحثات التي تجري مع الدول الغربية”.
ويرى روريان أن إيران تريد أن تصل في أسرع وقت للاتفاق النووي وخاصة أنها تطالب “برفع لجميع العقوبات مرة واحدة، وليس تطبيقها على مراحل”.
وأوضح أن “كل ما تريده إيران من المفاوضات العودة لتطبيق الاتفاق النووي ورفع العقوبات، ولكنها ترى معضلتين تلوحان في الأفق، أولها أن الولايات المتحدة لا تريد رفعا كاملا للعقوبات، وثانيها أن الولايات المتحدة لا تريد أن تعطي أي ضمانة لاستمرارية الاتفاق”.
وأشار إلى أنه في 2015 عندما وقعت إيران الاتفاق قامت بعد ذلك بأخذ الموافقة عليه في البرلمان، ولكن عندما طلب من الولايات المتحدة أخذه للكونغرس للموافقة عليه، تم تحويله إلى مجلس الأمن لتحويله لقرار دولي يفترض أنه يلزم جميع الأطراف الدولية.
وزاد روريان أن إيران لا تريد تكرار سيناريو تطبيق الاتفاق من طرف واحد ومن ثم انسحاب أطراف ثانية مثلما حصل مع اتفاق 2015 الذي انسحبت منه إدارة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب.
مدير المركز الأحوازي للإعلام والدراسات الإستراتيجية حسن راضي، قال بدوره، إن “ إيران لا تريد إحياء الاتفاق النووي لعام 2015، خاصة وأن من يتحكمون في البلاد هم التيار المحافظ المتشدد الرافضين للاتفاق”.
وأضاف أن إيران تقول إنها تريد الالتزام بالاتفاق، ولكنها على أرض الواقع تنتهكه وتمضي في خططها بالبرنامج النووي”.
وأوضح راضي، أن إيران “تريد رفع جميع العقوبات، فيما تقوم بالمماطلة من خلال المفاوضات للوصول إلى القدرات النووية تحت غطاء المباحثات”.
ويؤكد أن طهران تستغل عدم وجود سقف زمني للمفاوضات، بتعطيل عمل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وذلك لكسب الوقت لتحقيق أهدافها الحقيقية بتعزيز قدراتها النووية.
ويتوقع راضي أن تستمر المفاوضات في الفشل حيث ترفع إيران من سقف مطالبها مع عدم تحقيق أي التزام حقيقي بالملف النووي.
المحلل السياسي، عامر السبايلة، أوضح أيضا، أن “ طبيعة التعاطي الإيراني مع المفاوضات الحالية تكشف أنها لا تريد العودة للاتفاق النووي لعام 2015 كما هو، وتريد تغيير معادلة العقوبات مقابل الالتزام”.
وأضاف أن العودة للاتفاق بعدما وصلت إليه في برنامجها النووي قد يكون غير مجديا، إلا بإزالة كل العقوبات بشكل مباشر وتقديم مزايا إضافية لها.
وأكد السبايلة أن إيران ما تزال تستغل عامل الوقت لصالحها حيث تحقق قفزات نوعية في برنامجها النووي بهدف خدمة موقفها التفاوضي، خاصة إذا ما شعر المجتمع الدولي أنها ستصل إلى مرحلة متقدمة تؤهلها للحصول على السلاح النووي الذي تسعى إليه.
ولهذا فإن طهران تريد إيصال رسالة مفادها “أن من يخسر اليوم هم الذين يرفضون إملاءات إيران”، ولذلك فهي لا ترغب في إنجاح المفاوضات على الأقل خلال المرحلة الحالية.
ويرى السبايلة أن المشهد الداخلي الإيراني لا يعكس جدية في المفاوضات مع الدول الغربية، خاصة وأن من يتحكمون في النظام هم من المحافظين الأكثر تشددا من الفريق الذي كان موجودا في 2015.
وتوقع أن تبقي طهران على استخدام أدواتها في تأزيم حالة عدم الاستقرار في المنطقة أكان باستهداف منطقة الخليج أو من خلال تحركاتها في الشرق الأوسط، حيث تريد التأكيد على أنها لاعب أساسي في المنطقة، وأن تحصل بالمقابل على مكتسبات من هذا الأمر.
وأشار إلى أن من يتحكمون في اللعبة في طهران يرون عدم جدوى العودة إلى اتفاق كان قد وصل إليه خصمهم السياسي مع القوى الغربية ولم يحقق المرجو منه.
الرغبة الدولية والعقوبات
المحلل السياسي، علي رجب، قال إن “إيران تراهن على الرغبة الدولية في التوصل إلى اتفاق نووي، مع تلويح طهران بمعدلات تخصيب اليورانيوم، وتأزيم الاستقرار الاقليمي في العراق وسوريا واليمن والملاحة الدولية في الخليج”.
وأضاف أن طهران لا ترغب “بتقديم المزيد من التنازلات في الملفات الداخلية كبرنامج الصواريخ والطائرات المسيرة، وأيضا ملف الميليشيات الموالية لطهران في الشرق الأوسط”.
وأشار رجب إلى أن إيران ترى أن “عملية الاتفاق ممكنة وفقا لوجهة نظرها”، ولكن إذا لم تسر المفاوضات بالشكل الذي تراه طهران ، فهي لن تخسر شيئا لأنها ستواصل تخصيب اليورانيوم وسيكون لديها أسبابها ومرجعيتها لاستمرار البرنامج النووي، وهو ما سيعني اقترابها من حيازة سلاح نووي”.

:

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة