حراك في الخرطوم والولايات ضد «تقويض الحكم المدني»”
الصباح الجديد ـ متابعة:
بدأ رئيس البعثة الأممية في السودان فولكر بيرتس، تحركات واسعة مع كبار المسؤولين في السلطة الانتقالية، بمن فيهم المدنيون والعسكريون وأطراف عملية السلام من قادة الحركات المسلحة، لتجاوز الأزمة السياسية الراهنة على خلفية المحاولة الانقلابية التي وقعت الأسبوع الماضي. وانتظم حراك جماهيري في الخرطوم وعدد من الولايات لرفض “محاولات تقويض الحكم المدني”، فيما اتهم مسؤول رفيع في “لجنة تفكيك نظام الإنقاذ” مجموعة من الخارج بدعم المحاولة الانقلابية.
وحث رئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الانتقال في السودان “يونيتامس”، شركاء الحكم، على خفض التصعيد والتراشق الإعلامي والتركيز على الحوار والتعاون. وأجرى بيرتس لقاءات مع عدد من أعضاء مجلس السيادة الانتقالي المدنيين والعسكريين لتجاوز تداعيات الأزمة التي تسببت بتصاعد حدة التوتر بين المكونين المدني والعسكري في الحكومة الانتقالية. والتقى عضوا مجلس السيادة الانتقالي في السودان محمد الفكي سليمان ومحمد حسن التعايشي، برئيس البعثة الأممية في اجتماعين منفصلين. وقال فولكر في تصريحات صحافية، إن “من المهم جداً المحافظة على الشراكة المثالية بين شركاء الفترة الانتقالية”، مشيراً إلى أنها ستؤدي “لانتقال كامل وشامل للحكم المدني الديمقراطي والسلام في السودان”.
ودعا جميع الأطراف إلى “خفض التصعيد والتراشق الإعلامي والتركيز على الحوار والتعاون”، لافتاً إلى أن الخلافات السياسية “أمر طبيعي”. وأكد ضرورة التعاون من أجل المضي قدماً نحو الانتقال السياسي والسلام الداخلي والديمقراطية. وأشار إلى أن الأمم المتحدة تشجع حواراً شاملاً بين شركاء الفترة الانتقالية، لمعالجة قضايا الانتقال عبر الحوار البناء.
وقال عضو مجلس السيادة الفكي سليمان، وهو أيضاً الرئيس المناوب للجنة تفكيك النظام السابق، “لا نرغب في أي مواجهة، ونسعى لحل سياسي يحفظ الحقوق المضمنة في الوثيقة الدستورية، حرصاً منا على حماية البلاد من الانقلابات العسكرية”.
وأضاف: “لن نسمح لأي شخص يحاول عرقلة التحول الديمقراطي المدني، وسنهزمه بقوة الجماهير”، مشيراً إلى أن “ما يحدث في المشهد السياسي الآن فرصة لتجديد الثورة ومحاسبتنا على التقصير”.
بدوره قال عضو مجلس السيادة حسن التعايشي، إن اللقاء مع بيرتس “تناول بوضوح الأزمات السياسية التي تواجه الفترة الانتقالية”، مؤكداً “ضرورة الالتزام بالوثيقة الدستورية والاتفاق السياسي الذي تم التوافق عليه بين شركاء الفترة الانتقالية”. وأضاف أن “بناء الشراكة على أسس الانتقال الديمقراطي وتوفير ضمانات الانتقال الديمقراطي في السودان من المبادئ الأساسية التي يجب أن يلتزم بها شركاء الفترة الانتقالية”.
وقال التعايشي، “علينا جميعاً كشركاء الالتزام بهذه المبادئ، واغتنام الفرصة للخروج من هذه الأزمة السياسية، لأنه ليس هناك خيار غير خيار نجاح الفترة الانتقالية والانتقال لنظام ديمقراطي كامل في البلاد”.
من جانبه، اتهم مقرر لجنة التفكيك صلاح مناع، شخصيات في الخارج لم يسمها، بدعم المحاولة الانقلابية الأسبوع الماضي. وقال مناع إن “الحركة الإسلامية (التي كانت تشكل عصب النظام المعزول) أخفت أموالها وشركاتها داخل المؤسسة العسكرية، واللجنة ستعمل على تفكيك جهاز الأمن والمخابرات التابع لفلول النظام المعزول، لأن عقيدته الآيديولوجية الإسلاموية لم تتغير”.
كان رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، أكد عدم التراجع عن تفكيك النظام المعزول باعتباره “استحقاقاً دستورياً لدعم التحول المدني”، مجدداً الثقة في لجنة تفكيك التمكين التي وصفها بأنها “أحد مكتسبات الثورة والدفاع عنها والمحافظة عليها واجب”.
وقال حمدوك، في حديث لتلفزيون السودان، إن الصراع الذي يدور حالياً في البلاد “ليس بين عسكريين ومدنيين، وإنما بين المؤمنين بالتحول المدني الديمقراطي من المدنيين والعسكريين، والساعين إلى قطع الطريق أمامه من الطرفين». ودعا كل الأطراف إلى “الالتزام الصارم بالوثيقة الدستورية، والابتعاد عن المواقف الأحادية، وتحمل مسؤوليتها كاملة بروح وطنية عالية تقدم مصلحة البلاد والشعب على ما عداها”. ورأى أن مبادرته “الأزمة الوطنية وقضايا الانتقال – الطريق إلى الأمام” هي الطريق “لتوسيع قاعدة القوى الداعمة للانتقال الديمقراطي، من قوى شعبنا الحية من المدنيين والعسكريين، وسأعمل بجد خلال الأيام المقبلة للمضي قدماً بالمبادرة حتى تبلغ غاياتها التي حددتها”.
إلى ذلك، تواصل لليوم الثاني تدافع قيادات سياسية ومتضامنين إلى مقر لجنة التفكيك في وسط العاصمة الخرطوم، بعدما سحب الجيش قواته من حماية وتأمين مواقع اللجنة والمقرات التي تم استردادها من النظام المعزول.
وتجمع آلاف في مدينة أم درمان، ثاني أكبر مدن العاصمة، رفضاً لأي محاولة لقطع الطريق أمام التحول الديمقراطي في البلاد. وتصاعد التوتر بين المدنيين والعسكريين في السلطة الانتقالية عقب المحاولة الانقلابية، الثلاثاء الماضي، وعلى أثر ذلك سحب الجيش قوات الحماية والتأمين من أعضاء مجلس السيادة ومن المقرات التي استردتها لجنة التفكيك من النظام المعزول.