على مدى عقدين ونصف هيمنت الكرة الإسبانية على الساحة العالمية من خلال أنديتها العريقة ومنتخباتها الوطنية في وقت كانت أوروبا تضم أندية عملاقة بعراقتها وتأريخها ونجومها، تفوق كرة الإسبان كان واضحا جليا من خلال الغريمين التقليديين ريال مدريد وبرشلونة، هذان الناديان الكبيران قدما خلال هذه الفترة عصارة الإثارة والفن الكروي الرفيع بالإضافة لما يمتلكانه من تاريخ حافل مضيء في سفر الساحرة المستديرة، وحصدت الكرة الإسبانية هذا المجد الكبير من خلال دوريها المثير (الليجا) الذي شغل العالم خلال العقد والنصف من السنين لأنه ضم اثنين من أباطرة الكرة وأساطيرها هما النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي والدون البرتغالي كريستيانو رونالدو، الصراع والتنافس بين هذين النجمين صار ظاهرة كروية يرقبها العالم كله ويتابع أخبارها، تنافس الاثنان في كل شيء وحصدا كل شيء.
وبلغة الأرقام فقد حصد البرغوث الأرجنتيني ليونيل ميسي (35 ) بطولة مع برشلونة في حين حصد صاروخ ماديرا كريستيانو رونالدو (32) بطولة، اثنان منها مع مانشستر يونايتد الذي انتقل منه الى صفوف ريال مدريد،ومن أهم هذه البطولات هي دوري أبطال أوروبا إذ ساعد النجم ميسي برشلونة بالفوز بالكأس ذو الأذنين (كأس دوري الأبطال) أربع مرات في مواسم ( 2005- 2006، 2008 – 2009، 2010- 2011، 2014- 2015) وكان برشلونة قد حقق اللقب الوحيد في هذه البطولة عام 1992، أما كريستيانو رونالدو فقد قاد النادي الملكي للفوز يهذه البطولة أربع مرات أيضا في مواسم ( 2013 -2014، 2015 -2016، 2016 -2017، 2017 – 2018) وكان ريال مدريد قد أحرز اللقب الأخير قبل انضمام كريستيانو لصفوفه عام 2002، كما يعد كريستيانو رونالدو هو الهداف التاريخي لهذه البطولة برصيد (130) هدفا ويلاحقه ليونيل ميسي برصيد (120) هدفا، هذا فضلا عن سيطرة هذين النجمين على لقب هداف الدوري الإسباني لعدة سنوات، والاثنان يملكان أرقام قياسية بعدد الأهداف إذ سجل ميسي طوال فترة تمثيله لبرشلونة (749) هدفا في (644) مباراة، في حين سجل كريستيانو (450) هدفا في (438) مباراة.
في موسم 2018 أصيب العالم الكروي بخيبة مريرة عندما قرر كريستيانو رونالدو مغادرة قلعة الملكي متوجها صوب نادي السيدة العجوز يوفنتوس الإيطالي، بقى حمل الإثارة في الدوري الإسباني على عاتق ميسي، لكن الدوري الإسباني يبدو أنه فقد جزءا من بريقه مع اشتداد جائحة كورونا التي أحرقت الأخضر واليابس، ولم يكد العالم الكروي يصحو من خيبته حتى فاجأ البرغوث الأرجنتيني ميسي هذا العالم بقرار مغادرته قلعة البلوغرانا متوجها صوب نادي الأثرياء باريس سان جيرمان قبيل انطلاق مباريات الموسم الحالي.
مع الأسف قطع المال قلادة الإبداع والإثارة والمتعة ولم يتوقف عند ميسي وكريستيانو بل غادر النادي الملكي اثنين من نجومه الذين شهدا الفترة الذهبية لريال مدريد هما صخرتي الدفاع الملكي الإسباني سيرجيو راموس الذي التحق بميسي في باريس سان جيرمان والفرنسي رافائيل فاران الذي توجه صوب المان يونايتد.
الآن ومع انقضاء مرحلتين من الليغا الاسبانية ما زال السؤال يسبح في نفوس عشاق الساحرة المستديرة: ما الذي تبقى من طعم الدوري الإسباني؟ هذا السؤال تجيب عليه أندية تتدفأ تحت رداء الليجا الإسبانية وأعني هنا أندية الدوري الإسباني الأخرى التي قدمت الكثير بوجود النجمان الكبيران ميسي وكريستيانو وما زالت تقدم الكثير أيضا في محاولة لكسر هيمنة الاثنين وانديتهما، فها هو اتلتيكو مدريد يقدم موسما رائعا وينتزع لقب الدوري الإسباني وبجدارة الموسم الماضي، في حين يقدم ناديا فياريال واشبيلية مستويات راقية حققا من خلالها ألقابا قارية.
مع ذلك فقد الدوري الإسباني الكثير من حلاوته وسيظل فترة طويلة حتى يعتاد الجمهور والمشجعين على مباريات من دون العملاقين الأرجنتيني والبرتغالي ونحن جميعا بالانتظار أيضا.
سمير خليل