الفنانة أمل القحطاني تبوح بأسرار عوالمها التشكيلية الخاصة:
حجاج سلامة
أمل القحطاني، فنانة تشكيلية سعودية، تحلق بنا – عبر لوحاتها – في سماوات بعيدة، وتتنقل بنا عبر ريشتها وألوانها بين عوالمها الإبداعية الخاصة، التي تقترب في تفاصيلها من عوالم الشعراء.
حين تتأمل في تفاصيل لوحاتها، تدهشك الخطوط والألوان والمفردات، وتلك العوالم الجميلة، التي تبحر بنا في ملكوت الله.. وبقدر ما تحمله لوحات أمل القحطاني من رسائل إنسانية، فهي تحمل لنا المتعة وتمنحنا البهجة.
تقول الفنانة أمل القحطاني، لمجلة فكر أن اللوحات الفنية « تحفظ لنا الذكرى والذاكرة «، وأن الفن قبل ان يكون رسالة للجمال، هو ايضا « متنفس للسعادة، وهبة من الرحمن، ومتعة وابداعات تصنع بأيادِ تحلم بأن تخلد أعمالها في التاريخ، وأن تبقى شاهدا على العصر «.
« القحطاني « كشفت لنا عن الكثير من أسرار عوالمها الفنية الخاصة، وروت لنا أنها حين تجد لوحة جميلة، تحاول أن تضيف لها معانِ أخرى، وأن يظل بعقلها وقلبها يشاركها تفاصيل حياتها زجتى اثاب بيتها.
وتروى لنا « القحطاني «، انها شربت حب الوطن منذ الصغر، وعشقت كل تفاصيله: « اهله، ومدارسه، وأرضه، وترابه، وبحره، وشمسه، وظله، وخيراته، وتاريخه، وتراثه، وحتى الماء والهواء والأزياء.. عرضات الفرح، ورقصات الحرب، ومواويل البحر، وشباك الصيادين، وسفن الصحراء، وسباقات الخيل، والهجانة، والحارات القديمة، والأدوات العتيقة، والدكان، والمًزارع، والفلاح، والخياط.. كل هذه التفاصيل أضعها في لوحاتي.. ويشاركني الوطن تغريداتي وحركاتي وسكناتي.
ويظل إيمان الفنانة أمل القحطاني، بأن الفن متنفس للسعادة، وحتى حين تقوم بجولة تسوق لشراء أدواتها الفنية، تشعر لحظتها بالمعنى الحقيقي للمتعة، وهي ذات المتعة التي يشعر بها الإنسان حين يستمتع بالسفر أو الأكل أو عند ممارسته لهواياته.
وتؤكد على أن فرشاتها وألوانها واوقات ممارستها للفن هي العالم الذي تعزل نفسها فيه لتجد راحة عقلها.
نجاح الفنانات السعوديات:
وحول رؤيتها لمكانة المرأة في الحركة التشكيلية العربية، قالت الفنانة أمل القحطاني، إن أعداد النساء من الفنانات فاقت أعداد الرجال، وأن المرأة العربية بوجه عام، والسعودية بوجه خاص، شقت طريقها بفطرتها وإحساسها، وقد صارت شريكة للرجل في النجاح وباتت تنافسه أيضا، وأن الإحساس هو من يصنع الفن والجمال دوما، وأن توفر الإحساس بجانب امتلاك الفنان لأدواته الفنية ينتج أعمالاً فنية قد يخلدها التاريخ.
وأوضحت بأن المرأة تعيش بحسب تكوينها مشاعر وتقلبات وهمسات وسكنات وصراعات وتقلبات متعددة، جعلت منها مادة خصبة في خيال الفنانين، وأكدت على أن المرأة لها نصيب وافر في أعمالها الفنية، وأنها بحكم كونها امرأة، فهي أكثر فهما للمرأة وأكثر إحساسا بهمومها أكثر من الفنان الرجل.
ورفضت « القحطاني « ما يُثار في الأوساط التشكيلية العربية من جدل حول ما يسمى بالفن النسوي والفن الذكوري، وقالت بأنها وفى أغلب الأحيان، لا تستطيع أن تفرق بين أعمال الفنانين من الرجال والنساء، وأنه لا يوجد فن نسوى وآخر ذكوري، وأن المعيار في الجودة هو امتلاك الفنان لأدواته الفنية سواءً كان رجلاً أو امرأة، ومن يمتلك المقدرة على إيصال رسالته للمتلقي.
المشهد التشكيلي السعودي:
وحول رؤيتها لحاضر ومستقبل المشهد التشكيلي بوطنها المملكة العربية السعودية، قالت « القحطاني «، أن موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز على مقترح سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، بشأن توجيه الجهات الحكومية لاقتناء الأعمال الفنية والمنتجات الحرفية الوطنية في مقراتها، يعد بمثابة دفعة كبيرة لكل فناني المملكة، سيكون لها أثرها الإيجابي السريع والواضح على المشهد التشكيلي السعودي بأكمله.
واضافت بأن المشهد التشكيلي في المملكة بدأ يتميز بكثرة أعداد الفنانين والفنانات، ان جميعهم لديهم نفس الفرص ونفس المساحة، وأن البقاء يظل للجمال والتفرد، وحتماً مع قليل من الحظ!
ولفتت إلى أنها لاحظت انتشار المعارض التشكيلية، لكنها دائما ما تجد أن الفنانين الشباب مظلومين، لأن لديهم حلم عرض اعمالهم الفنية للجمهور، وأنهم يجدون انه لا وسيلة أمام لعرض ابداعاتهم سوى دفع الأموال، خاصة وأن « بعض المعارض التشكيلية تقوم بالعزف على وتر أحلام الفنانين الشباب، فتفرض عليهم دفع مبالغ مالية مقابل سماحها لهم بعرض أعمالهم، وأنها تتمنى أن يكون مقابل العرض من حصيلة ما يباع من أعمال، وليس الدفع المقدم، وتتمنى ايضا أن يكون هناك آلية تحمى شباب الفنانين، وتحفظ حقوقهم وتيسر لهم طرق عرض أعمالهم.
أهداف سامية:
لكن « القحطاني « رأت أيضا بأن الدور الذي تقوم به وزارة الثقافة، يشد من أزر كل فنان، ويحول دون استغلال الفنانين الشباب.
وأن وزارة الثقافة صنعت وستصنع الفرق، وحتما ستنجح وسنري الفن السعودي عما قريب فنا عالميا، وأن لديها « إيمان وسعادة عامرة وغامرة بسمو اهداف وزارة الثقافة وكيف لا تسمو أهداف الوزارة ولديها سمو الامير بدر بن عبد الله بن محمد بن فرحان آل سعود «.
وتابعت الفنانة امل القحطاني، بأن ما تصنعه وزارة الثقافة السعودية، يكون ذَا بصمة، وأنها تعرف بان غاية الوزارة دوما هي رفعة الفنان ورفعة شأن الفن.
وحول أحلامها كفنانة تشكيلية سعودية، قالت بأنها تحلم بتكوين قاعدة معلومات لفناني المملكة بمختلف الأجيال والأعمار، وحصر كل المعارض التشكيلية، ووضع ضوابط لحماية الفنانين وحفظ حقوقهم، وبخاصة الفنانين الشباب.
وأنها تحلم أيضا، بإقامة سوق ومعرض دائم لعرض وتسويق الأعمال التشكيلية، تعمل على مدار العام، وعرض وبيع أعمال الفنانين جميعا مقابل هامش من الربح، وأن يكون هناك استثمارات فى مجال تسويق وبيع الأعمال الفنية، وأن ينتشر الفن، ويستطيع الفنان التشكيلي أن يعيش من عوائد بيع أعماله الفنية.
وأنها تأمل بأن يتعاظم دور وزارة الثقافة في نشر الأعمال الفنية السعودية داخليا وخارجيا، وأن تجد الأعمال التي تمثل المملكة التقدير والانتشار الذي يليق بها وبالمبدعين السعوديين، الذين يشعرون بالتفاؤل في ظل ما منحته رؤية 2030 من دعم للمشهد التشكيلي بالبلاد.
يذكر أن الفنانة أمل القحطاني، عضو الجمعية السعودية للفنون التشكيلية «جسفت»، وعضو أيضا بجمعية الثقافة والفنون بالمملكة، وكانت أول مشاركة فنية لها في معرض تشكيلي لها قبيل أكثر من ثلاثة عقود، وبعد ذلك توالت مشاركاتها في المعارض الجماعية داخل المملكة وخارجها، بجانب معارضها الخاصة حتى اليوم.
وشاركت في كبريات المعارض التشكيلية بالولايات المتحدة الأمريكية، وهي تسعى لإطلاق منصة فنية لتحقيق أهداف رؤية 2030 وما حوته من رؤىُ للنهوض بالحركة التشكيلية على أرض المملكة وعرض وبيع الأعمال الفنية السعودية المنشأ.