مبعوث جديد لليمن..
الصباح الجديد ـ متابعة:
بعد ترحيب واسع بتعيين السويدي هانز غروندبرغ، مبعوثا خاصا للأمم المتحدة لليمن، تتجه الأنظار نحو مسار مهمته وما إذا كانت ستحمل أي طروحات مختلفة عن تلك التي قدمها سلفه مارتن غريفيث الذي حاول دفع الأطراف المعنية لإنهاء النزاع الدامي دون التوصل إلى نتيجة حاسمة.
ويأتي تعيين الدبلوماسي السويدي، الجمعة الماضية، بينما تبذل الأمم المتحدة والولايات المتحدة قصارى الجهد لتحقيق تقدم صوب إنهاء الحرب المستمرة منذ ست سنوات بين الحوثيين والتحالف العسكري الذي تقوده السعودية والذي يدعم الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا.
غروندبرغ، الذي لاقى ترحيبا من الحكومة الشرعية وجماعة “أنصار الله” (الحوثيين) على حد سواء، ليس بعيدا عن الملف اليمني، لاسيما أنه يشغل منصب سفير الاتحاد الأوروبي إلى اليمن منذ سبتمبر 2019، فهل يستطيع قيادة البلاد إلى تسوية الصراع الدائر منذ سنوات؟
يقول المتحدث باسم الحكومة الشرعية، راجح بادي، إن “التجارب السابقة” لغروندبرغ ستمكنه من تقدم أفكار جديدة تختلف عما حمله غريفيث.
وفي نفس السياق، يقول المحلل السياسي، عبد الناصر المودع إن غروندبرغ شخص معروف لدى الحكومة والحوثيين وجميع الأطراف اليمنية كونه سفيرا أوروبيا إلى اليمن منذ عامين، الأمر الذي سينعكس إيجابيا على تواصله مع أطراف الصراع.
لكن بادي تحدث عن مواصفات خريطة الطريق التي يمكن أن يُكتب لها النجاح في اليمن، قائلا إنها “تعتمد على ثلاث مرجعيات رئيسية، وهي: قرارات مجلس الأمن، مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، والمبادرة الخليجية”.
وتدخل التحالف في اليمن في مارس 2015 بعد أن أخرج الحوثيون الحكومة المدعومة من السعودية من العاصمة صنعاء، لكن الحرب تشهد جمودا عسكريا منذ سنوات مع سيطرة الجماعة على معظم المراكز الحضرية الكبرى، حيث يقول الحوثيون إنهم يحاربون نظاما فاسدا وعدوانا أجنبيا.
وتعثرت مبادرة تقودها الأمم المتحدة تدعو لوقف إطلاق النار، ورفع القيود البحرية والجوية التي يفرضها التحالف على المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.
وعن العراقيل التي قد تواجه غروندبرغ، قال المتحدث باسم الحكومة الشرعية : “تعند ميليشيات الحوثي واحتكامهم للسلاح”.
وفي المقابل، يؤكد بادي على “تعاون الحكومة الشرعية المطلق والتام من أجل نجاح مهمة المبعوث الجديد، بكل ما تحمله من تعقيدات وظروف صعبة”، على حد تعبيره.
إلا أن المحلل السياسي المقرب من “أنصار الله”، أحمد المؤيد، يصف الحكومة الشرعية بـ”الحلقة الأضعف”، قائلا إن “قرارها ليس بيدها لتقرر التعاون مع المبعوث الجديد”.
وأكد المؤيد على ترحيب الحوثيين “بالمبعوث الجديد وبالتعاون معه”، معربا عن أمله “البسيط” في أن “يترجم هانز حرصه على نجاح مهمته بالتدخل في فك الحصار وتخفيف معاناة الشعب اليمني وفتح مطار صنعاء”.
لكنه لا يرى إمكانية لتحقيق أي جديد في الأزمة بتعيين غروندبرغ، قائلا إن الأمر بيد “الدول النافذة في الملف اليمني”.
وتعليقا على تعيين غروندبرغ، قال عبد السلام كبير المفاوضين الحوثيين على تويتر: “لا جدوى من أي حوار قبل فتح المطارات والموانئ كأولوية وحاجة وضرورة إنسانية”.
وأدى الصراع، الذي يُنظر إليه على نطاق واسع في المنطقة على أنه حرب بالوكالة بين السعودية وإيران، إلى مقتل عشرات الألوف ودفع اليمن إلى حافة المجاعة.
وبينما يسعى التحالف إلى اتفاق متزامن، يصر الحوثيون على رفع الحصار أولا. وقد رحبت السعودية بتعيين الدبلوماسي السويدي.
وفي مارس الماضي، عرضت الرياض على الحوثيين خطة لوقف إطلاق النار على مستوى البلاد وإعادة فتح خطوط جوية وبحرية.
ووجدت المبادرة السعودية ترحيبا دوليا من دول عظمى ومن الأمم المتحدة، لكن الحوثيون، رفضوا عرض الرياض، واضعين شروط عدة للموافقة.
وفي هذا الصدد، يقول المؤيد: “تمسك السعودية بربط الجوانب السياسية والإنسانية والعسكرية كحزمة واحدة تتأثر ببعضها سلبا وإيجابا، يؤدي إلى فشل المساعي الرامية إلى حل الأزمة”.
ويعتقد المودع أن “المبعوث الجديد لن يحقق أي اختراقات مهمة مستقبلا، ولكن إذا حالفه الحظ فقد ينجح في حلحلة بعض الملفات الثانوية”، من بينها الإفراج عن أسرى وتخفيف الحصار على ميناء الحديدة وتأمين ناقلة النفط صافر.
ويرى المحلل اليمني أن “فجوة واسعة تفصل أطراف النزاع المحليين والدوليين فيما يتعلق بوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب الدائرة”، الأمر الذي قد يجعل مهمة غروندبرغ لن تختلف كثيرا عن مهام أسلافه، على حد قوله.
وخلال فترة عمله في اليمن، واجه غريفيث اتهامات من قبل “أنصار الله” التي تسيطر على مناطق شاسعة بينها العاصمة صنعاء، بالانحياز لصالح السلطة المعترف بها رغم لقاءاته الدورية مع كبار قادة الحوثيين ومن بينهم زعيمهم عبد الملك الحوثي.
وحاول غريفيث الضغط على أطراف النزاع لوقف إطلاق النار والجلوس على طاولة مفاوضات. وجرى التوصل لاتفاق مبدئي في 2018 على مباشرة خطوات عملية في هذا الصدد، لكن المعارك تواصلت في عدة مناطق.