قرأت بالامس القريب ان مجلس الشيوخ الأميركي اقترب خطوة، من إقرار مشروع قانون اقترحه الحزبان الديمقراطي والجمهوري للبنية التحتية، وتبلغ قيمته تريليون دولار، من خلال موافقته على تفاصيل أكبر استثمار أميركي في مجال الطرق والجسور منذ عشرات السنين.
حفزني هذا الموضوع على الكتابة للمقارنة بين ما سيتم صرفه لتطوير البنى التحتية في الولايات المتحدة بنسبة 100% وما سيتم صرفه في العراق بنسبة 10% من المبلغ المخصص لها وهو 559 مليار دينار –لمعالجة الخلل في البنى التحية من خلال عقود الفساد التي ستذهب الى جيوب “ الخيرين من ابناء الوطن .. الحريصين على حماية قوت الشعب واموال البلاد المنهوبة تحت شتى الذرائع على مدى 18 عاما بلا كلل او ملل .
فمن بين ما يشغل تفكيري ويؤرقني ان تحتل احدى هذه المشكلات هو تكدس النفايات في الشوارع والاحياء السكنية والاراضي الفضاء وضفاف الانهر وضرورة معالجتها من خلال تهيئة الخطط الاستراتيجية لها بسقوف زمنية تواكب التطور والنمو السكاني وعمليات التصنيع والاعمار والتوسعة بالرغم من انها تعد معضلة مزمنة في بلدنا هذا .
وتعد أمانة بغداد هي الجهة المسؤولة عن نظافة وجمالية العاصمة إضافة الى أنشاء وتطوير الجسور والمشاريع المتعلقة بالبنى التحتية ، وقد رصدت الموازنة الاتحادية لها سنوياً أموالا طائلة كان اخرها في عام 2019 والتي بلغت 559 مليار دينار لغرض انشاء واستكمال المشاريع وتأهيل الطرق والشوارع تماشياً مع حركة المرور التي تتسارع وتيرتها بالارتفاع سنوياً مع إضافة مبلغ 218 مليار دينار لغرض بناء المدارس فقط.
لكن هذا لم ينعكس واقعاً في العاصمة التي أحتلت في 2012 بحسب تقرير منظمة اليونسكو على المرتبة الثالثة من بين أكثر عواصم العالم ( وساخة ) واحتواء على النفايات وثامن عاصمة على مستوى التلوث البيئي ، فتراكم النفايات في ظل جائحة كورونا والخطر المحدق بأرواح ملايين العراقيين عده بعض المسؤولين ومنظمات المجتمع المدني نتيجة للفساد الإداري والمالي وسوء التخطيط لأمانة بغداد.
لان الفساد والاهمال ترك المشاريع الخدمية وعلى مدى اكثر من عقدين لم ولن تقوم امانة بغداد بالعمل الجاد وتنظيف مناطق بغداد وتكملة المشاريع التنموية والاستثمارية وخاصة ما يخص مشاريع اكساء الطرق وتقديم الخدمات الى المناطق الجديدة ومنها ، الثعالبة ، والشعب ، ومناطق الكاظمية والشعلة ، وناحية الرشيد وغيرها عشرات المدن الاخرى ، هل ياترى يقوم رئيس الوزراء بزيارة مقر امانة بغداد ومعرفة خفايا ودهاليز المشاريع المتوقفة ومنها مشروع تطوير قناة الجيش ،ومشاريع مجاري الصرف الصحي واكساء الشوارع ولو بالترقيع ، اهمال وترك مناطق دخول العاصمة من كل الاتجاهات وخاصة طريق حلة ـ بغداد . ماذا تقول امانة بغداد للتاريخ وهي التي وعدت بتنظيف بغداد وانجاز المشاريع ومعاقبة الفاسدين وانهاء ملفات الفساد والافساد والابتزاز التي يتعرض لها المواطن البغدادي في جميع المدن من دون استثناء
فمشكلة النفايات جزء من المشكلات المتراكمة بالمدينة والتي تشمل ايضاً ضعف البنى التحتية وضعف القانون الذي ادى لظهور تجاوزات ومخالفات بنائية والعشوائيات التي امتدت لتصل الى ١١٠٠ منطقة عشوائية والباعة الجوالين بسبب وجود البطالة .
ان جزءا من رؤيتنا الشاملة لتطوير واقع العاصمة هو مشروع نهضة بغداد وأولوياته نفض الغبار عن هذه المدينة ومنها معالجة النفايات عبر آليات عمل تتضمن توعية المواطن ومحاسبة المخالفين وتطوير المدينة بمشاريع اكساء الشوارع والازقة والمحلات السكنية .
فالجميع يعلم ان امانة بغداد استوردت قبل سنوات معملين لتدوير النفايات طاقة الواحد منها (١٠٠٠) طن لكن الاجراءات البيروقراطية وعدم تهيئة مواقع مناسبة لها ادى لتأخر تنفيذ ونصب المشروع وهي تعمل جاهدة على ايجاد الحلول المناسبة له ، لان ما يتم تنفيذه الآن في قطاع النظافة هو معالجة وقتية تشكل نسبة نجاح بين ٥٠-٦٠٪ لكن الحل الوحيد لمعالجة النفايات هو تدويرها كما هو الحال في المدن المتحضرة .
فالمؤشرات العالمية تشخص ان العراق في مقدمة الدول الاكثر فسادا، وامانة بغداد مؤسسة خدمية لها تماس مباشر مع المواطن لذلك لاتخلو من الفساد الذي تسعى هي لمحاربته ، كما ان لديها الرؤية للحد من الفساد عبر مشروعين مهمين الاول عبر ادارة النفايات وتدويرها وسيحسم خلال الشهرين المقبلين والثاني هو الحوكمة الالكترونية والاتمتة والجباية الالكترونية التي ستؤدي الى تقليل التعامل المباشر بين الموظف والمواطن ونسعى بشكل كبير لحسم المشروع في الشهر الجاري ، ومع ذلك فالمواطن لا خيار امامه الا ان يضع يديه على راسه ويقول ( اواعدك بالوعد وازكيك يا كمون ) .
سامي حسن