يشعر العراقيون أحياناً باليأس وغياب الأمل في أي إصلاح مقبل. نقول أحياناً وليس دائماً لأننا نعثر هنا او هناك على جمرات متقدة وقلوب نزيهة وروح وطنية بين ثنايا الكائنات البشرية التي تشكل عائلتنا العراقية الكبيرة.
وفي السنوات الماضية التي فصلتنا عن الدكتاتورية كان علينا أن نحفر باليد طريق التقدم ونعض على النواجذ حتى لا تفوت منا فرصة أو إمكانية التقدم نحو شاطئ الأمان، في بلد كان الأمن مرسوماً بيد المخابرات والقمع والترهيب والخوف وليس مبنياً على هيكلية بشرية واعية ومتحررة من كل خوف ورهبة. وقد برهنت التجربة السياسية العراقية عقم العقل الذي سيّر البلد وميله الخاطئ نحو التمييز والتفضيل المريض لما سمي بمصلحة العقيدة والمذهب أو مصلحة مضادة هي مصلحة ما سنّه السلف الصالح .. وما الى ذلك من عقائد مرضية مؤذية ومنحازة ومقسمة للمواطن والوطن.
إذا ذهبنا الى أزماتنا الراهنة نراها تتكرر كل عام وتبرز تعقيداتها عند رسم كل ميزانية وطنية. وتبدو تلك التعقيدات وكـأنها ملامح مكتسبة تشوه البلد والجسد والعقول. نقص الكهرباء أولها وقبلها أزمة النفط ومشتقاته وتهالك البنى التحتية التي ترتبط بحاجات المواطنين.. وبدا أننا مهما فعلنا فهذه التشوهات ظلت ملتصقة بالعراق للأسف إذ يصبح الحرج شعوراً متجدداً وملازماً لنا عند كل منعطف.
أخيراً قرر السيد رئيس الوزراء اخذ المسؤولية بيده وسحب يد وزير الكهرباء الذي وصلنا معه الى نهاية الأمل. فمهما يقول أو يخطط اليوم يتهاوى في الغد. ومع كل ظهور للجمهور يتحفنا السيد وزير الكهرباء بجملة من الحجج والذرائع العجائبية بحيث يبدو أن العطل فينا نحن وليس في نقص التزويد بالكهرباء.
وكان الوزير غالباً ما يلقي بالمسؤولية على عاتق آخرين وفي مقدمتهم وزارة النفط التي اتهمها في أكثر من مناسبة بأنها تمتنع عن تزويد محطات الكهرباء بالوقود اللازم لتشغيلها. ولكننا لحسن الحظ التقينا قبل بضعة أيام مع الوزير جبار اللعيبي الذي تحدى أي طرف أن يفحص موجودات كل محطة من الوقود ليتأكد من حصولها على أكثر مما تحتاج من تغذية. الآن واليوم اتضح أن الحكومة عرفت الحقيقة وظهر لها أن “النفط” أدت ما عليها وأكثر من الخدمات التي لم تقتصر على تلبية حاجاتنا الوطنية من الوقود لمحطات الكهرباء، ومن هنا يأتي صواب الخيار الذي اضطر اليه رئيس الوزراء حيدر العبادي بعد معاناة شديدة.
إننا نعتقد أن وزارة النفط الحالية تستحق التكريم والتقدير بقدر ما يستحق المقصر والمتخاذل اللوم والإقالة وعلى عكس المنطق السلبي لوزير الكهرباء يبرز منطق الوزير اللعيبي بوصفه سياسة ترسم استراتيجية وطنية طموح تستحق أن تستمر وتبقى ويتبناها العراق كله. بل علينا أن نحرص على أن يكون تركيب الوزارة الجديدة مرتكز على الروح الإيجابية لسياسة وزارة النفط الحالية التي لم تقصر في تأمين المداخيل المالية من إنتاج النفط بل زادتها بحوالي 12 مليار دولار للعام 2018.
اسماعيل زاير