سمير خليل
على المسرح الوطني، قدم المركز الثقافي الدولي بالحمامات في تونس مسرحية” عطيل وبعد” تأليف بوكثير دومة وإخراج حمادي الوهايبي، وتمثيل مهذب الرميلي ومحمد شوقي خوجة وبهرام علوي ونورالدين الهمامي واباء حملي وفاتن الشوايبي وسامية بوقرة وعزف أحمد الماجري. وتضمن العمل لوحات كوريغرافية بإمضاء ريان سلام وشيماء ارحاولية بمساهة قيس بولعراس.
حاول العرض أن يعيد ترتيب الأوراق تاريخيا، من خلال استحضار شخصية عطيل. ذلك الرجل ” الجنوبي” الشجاع والذي لم تقهره الحروب، بل قهره حبه الأزلي لدزدمونة والشك الذي تملك قلبه وجعله يقتل هذه الحبيبة.
العرض أولا، قلب هذه الحكاية، ولم يرتكب عطيل جريمته، لكن العرض فتح آفاقا للصراع بين قيمتين أو مكانين هما: الشمال والجنوب. هذا الصراع لامس الطبقية والعنصرية التي تعتمد على لون البشرة والعرق، ولكنه كما أراد المؤلف ومعه المخرج أن يكون صراعا للمفاهيم بين ثقافتين موروثتين، أراد العرض أن تتساوى هذه المفاهيم وأن ينظر إلينا الغرب نظرة متساوية.
العرض كان متوازنا وجميلا بأداء أبطاله والسينوغرافيا التي اعتمد عليها المخرج دون ديكور، بالإضافة للموسيقى التي أضفت على العرض جمالا ورونقا.
بعد العرض التقينا مخرج المسرحية الفنان حمادي الوهايبي ليحدثنا عنها فقال:
لماذا عطيل؟ هذه ليست المرة الاولى التي اشتغل فيها على شكسبير، اشتغلت الملك لير، عطيل هو الراهن الحضاري والواقع الثقافي والسياسي الموجود في العالم، يجعلنا نطرح تساؤلات: لماذا ينظر الينا الغرب بهذا الشكل؟ تقريبا نظرة طبقية، نظرة الغرب في أعمالهم الفنية. فمنذ القدم، أعمالهم الفنية تنظر الينا نظرة غير طبيعية ، غير سوية، غير سليمة وهذا الأمر يسري على شكسبير أيضا، فهو يعبر عن ثقافة معينة وفكر معين، ثقافته هو لأنه كما تعرف ينتمي لعصر النهضة، ولكن هو قائم على هذه الفكرة، فكرة ميكافيلي أيضا وأفكاره الشهيرة، فأنا اعتبرت أن نظرته إلينا، يجب أن نقرأها قراءة مغايرة، يجب أن نعيد النظر بطريقة نظرتهم الى ثقافتنا وللشخصية الجنوبية بشكل عام، عطيل يمثل أهل الجنوب وقدمنا عطيل بصورة أخرى، الصراع لم يكن طبقيا، أنا لا أريد أن أكون شوفينيا أيضا، وأن اتطرف في الفكرة، أن أكون أنا صاحب الفكر السليم، والآخر مخطئ ، أنا أعتبر أن علينا وعليهم ان نعيد النظر بمفاهيمنا الاخلاقية، هذه النظرة لمواقفنا نعتبر أنها سليمة مائة بالمائة، لا يجب أن ننظر الى الآخر بطريقة أخرى، ليس كما يفكر الغرب عندما يقول جان بول سارتر” الآخر هو الجحيم” أعتقد أن على الانسانية أن تدشن عصرا حديثا، العصر القائم على التسامح وقائم على السلم وعلى الحوار”.
الفنانة فاتن الشوايبي والتي جسدت شخصية دزدمونة تحدثت عن شخصيتها فقالت:
أنا ممثلة في الأول والأخير، ودوري في المسرحية أن اتقمص الشخصية بكل أبعادها النفسية والتاريخية والايديولوجية والدينية. وهنا نركز على شخصية دزدمونة بأنها لا تدين الا بدين الحب. اختيارها لعطيل وحبها الأعمى له، هي تمثل هنا نموذج الحب والطهارة والعشق والرومانسية والتضحية من أجل الحب الأبدي “.
وأضافت: هذه هي زيارتي الثانية لبغداد بعد أن زرتها عام 2019 في مسرحية الأرامل إخراج الفنانة وفاء طبوبي، في زيارتي الأولى لم تتح لي الفرصة أن نتجول في بغداد ونرى ما فيها، الحقيقة زرنا شارع المتنبي، هذه المرة نستغل الفرصة ونكتشف ونتعرف على بغداد بتفاصيلها بأركانها بأحيائها، أسواقها، يعني نتعرف عليها أكثر”.
وعن مهرجان بغداد الدولي للمسرح ختمت: المهرجان ليس جديدا، وهذه دورته الخامسة. وأي مهرجان يتواصل فهذا يعني أنه ناجح. عروض منتقاة بطريقة جدا ذكية، هناك عروض دسمة، مهمة جدا تلاقح كثير من الرؤى الاخراجية والرؤى المسرحية، عروض متنوعة”.
على المسرح الوطني .. عطيل يعود ليحاول إعادة ترتيب الحكاية
Comments are closed.