بغداد – ظفار زاير:
موجات العنف ارتفعت في المجتمع العراقي مؤخراً واصبح له تأثير كبير، مما يدعونا للبحث في امكانية الحد من هذه الظاهرة الخطرة التي تؤثر بشكل مباشر على كل مفاصل الحياة في بلدنا .
وبات تعاظم تأثيراتها السلبية في المجتمع واضحاً ،فاصبح العنف تجاه الاطباء في المستشفىيات ، والعنف تجاه رجل المرور، وكذلك العنف بين الشباب انفسهم، المعارك غير المبررة بين بعضهم البعض ، رفض الانصياع للقوانين ، هذه بعض الامثلة لسلوكيات عنيفة ، تعبر عن الرغبة في تفريغ حالات الكبت التي تنتاب الجموع، كردة فعل ، تظهر كنتيجه لرفضهم لواقع مفروض عليهم ،او كاستعراض للقوة الجسدية ، بعد فقدانهم لكل مايؤمنون به من مؤهلات تشعرهم بالثقة، وتعبير عن الانكار العميق لواقع يعجزون عن تغييره فالكثير من الاشخاص العنيفين وعلى اختلاف اجناسهم واعمارهم يكبتون رغبة في امتلاك فرصة، للتطور، والتغيير، ويعجزون عن ايجادها ،محملين بخيبات الامل ، لتتجمع هذه الاسباب التي تتحول الى ردات فعل عنيفة ،تجاه المجتمع و المسؤولين .
طاقات عنف
وبينت الدكتورة امل كاظم اختصاصية علم النفس : ان اول الاشارات التي تتسبب في هياج طاقات الشباب هي عدم القدرة على تفريغ الانفعالات النفسية والطاقات الجسدية وغياب فرص الاستمتاع باوقات جيدة ،كاعادة تأهيل الساحات الرياضية التي كانت منتشرة في المناطق الشعبية قبل غيرها ، هذه الساحات التي انجبت للعراق ابطالاً رياضيين وصلت شهرتهم الى العالمية بفضل المنافسة المتاحة، واكتشاف المواهب المبكرة ، فالمراهق والشاب بحاجة الى متنفس يفرغ فيه طاقاته واشباع رغبته في الحصول على السعادة والنجومية ، والايمان بامكانية الوصول لاحلامه التي يسعى الى تحقيقها في المستقبل .
واضافت كاظم : ان ساحات الرياضة ،والملاعب الرياضية المجانية ،تحولت الى ابنية خاضعة لسيطرة جهات مختلفة ، حتى لم يعد للصبيان والشباب اي فرصه للاندماج وللشعور بالسعاده، ومشاركة الوقت مع الاقران في نشاطات بدنيه ،تغني صحتهم النفسية، قبل الجسدية . وبشهادة كبار الرياضيين العراقيين ، ان هذه الملاعب والساحات كانت السبب في اختيار واكتشاف مواهب كثيرة.
وتابعت قولها : ان الخطوات المهمة التي تشعر الشاب بانه محط اهتمام ورعاية ،تحظى باهتمام البلدان العربية والعالمية ، اذ تعمد الدول الى تنظيم المسابقات، بين الاحياء والمناطق الشعبية ويعود ذلك الى ،ايمان المسؤولين والمربين، بضرورة استغلال وامتصاص ،واكتشاف، مواهب ،وطاقات الشباب ،ومنحهم الفرصة، لملء اوقاتهم بنشاطات مثمرة ،ومفيدة ،وابعادهم عن الاحتقان النفسي، وطريق العنف .
وزادت :لان المدارس اهملت الاهتمام بمواهب الطلبة ،الرياضية منها ،والفنية ،والعلمية، والثقافية ،انعدمت فرص الابداع ،والتعبير عن الذات، فلم يعد هنالك وجود وتأثير لدرس التربية الفنية او التربية الرياضية ، ولان المدرسة هي أول المؤسسات التي ينبغي عليها ،الاهتمام بتعليم المهارات المتنوعة ،والحرف المختلفة ،والتركيز على قراءة المؤلفات الادبية ، وتهذيب الذات ،وجب عليها اداء واجبها كمؤسسة تسعى ، لتنمية المهارات التي تسهم في تطوير الشخصية ،وخلق نوع من التوازن والاسترخاء ، لدوره المهم في بناء الشخصية بنحو صحيح ، يحمي الشاب مستقبلاً .
التحول الى طريق الجريمة والعنف
تنامي خيبات الامل وفقدان الثقة في مستقبل افضل اذ ان خيبات الامل المتراكمة تسهم بتنامي الشعور بالاحباط ،وتطور نزرعة الرغبة بالتمرد ، من كل انواع السلطة، والفشل في الانخراط والتواصل وبناء العلاقات الاجتماعية الصحيحة التي تحمي من الاضطرابات النفسية ، وتنامي الاحساس بالنقص والحرمان .
غياب القدوة
غيابُ القدوةِ الحسنة،و انعدامُ الثقةِ بالمربّين والمُعلّمين الذين فقد بعضهم المعيتهم، وتميزهم العلمي، والمعرفي ، والعيش في مساكن مزدحمة وعشوائية يصاحبه ،تدني مستوى الدخل في الاسرة ،يقود الى التسرُّبُ من المدرسة،لكسب العيش، او لاعالة الاسر مما يخلق تراكمات تقود الشاب الى الاحساس بالفشل في مُسايرة الحياة خاصة بعد تنامي درجات التباين في مستويات معيشة الاسر العراقية .
دور الاعلام
لوسائل الاعلام دور كبير في قمع التمرد ورفض للقوانين عن طريق الحرص على الاستعانة بالشخصيات القريبة لنفوس الشباب كلاعبي كره القدم ،او الفنانين المشهورين ،مثلًا ، لاطلاق حملات توعية ،ونبذ السلوكيات المرفوضة ،هذا الامر اثبت جدواه في نشر الوعي ورفض السلوكيات غير المقبولة في كثير من الحالات . .
إنَّ معرفةَ الأسبابِ والدوافع التي يقومُ عليها العنف ، تجعل علاجه مبنيّاً على النجاح في تجاوزها ،قبلَ وقوعها، واستئصالها من جسد المجتمعات الانسانية ،التي تسعى لبناء مستقبل افضل لافرادها .