قطعا ان زيارةً مثل زيارة الرئيس الايراني حسن روحاني الى العراق ويبقى ثلاثة ايام ، بخلاف ما جرت العادة في زيارات الرؤساء الاخرين الى بغداد ، لساعات ثم يغادرون سريعا ، ان زيارة مثل هذه لرئيس ايراني ، تمثل اهمية جيو سياسية عالية المستوى ، لانها تأتي في ظل ظروف اقليمية ودولية معقدة ، وملفات متداخلة ، ما يجعل المراقب يتوقع ان تكون نتائج هذه الزيارة مهمة ايضا ومؤثرة على مستوى العلاقات الثنائية بين البلدين وعلى مستوى الاحداث والعلاقات الدولية ..
قد يقول قائل ، ولماذا هذا الاهتمام والاهمية لزيارة روحاني ؟ ، فعلاقاتنا مع ايران طيبة ، والزيارات بين مسؤولي البلدين غير منقطعة ، وميزان التبادل التجاري في تصاعد مستمر، وان كانت كفة ايران هي الارجح ؟،.. نعم هذا صحيح على المدى المنظور ، وما هو معلوم ، ولكن ثمة ملفات اخرى مهمة ، يمكن مناقشتها على اعلى المستويات بين العراق وايران ، لعل من بينها ، مايتعلق باشكالية اتفاقية الجزائر لعام ١٩٧٥ وتداعياتها ، وما يجري من حديث بشأن ابتعاد خط التالوك البحري في المياه الاقليمية الذي انجرف باتجاه ايران ، وهناك قضايا اخرى تحمل من الاهمية الكثير ، منها ما هو سياسي ومنها ما هو اقتصادي ، ومنها ما يحمل البعدين معاً ، فترسيم الحدود بين الجانبين مازال ملفا مفتوحاً يحتاج الى تأطير قانوني دولي يحفظ حقوق البلدين ، ثم ان الزيارة تأتي في وضع عراقي مختلف ، لاسيما بعد الانتهاء من داعش ، والانطلاق في مرحلة جديدة ، وهنا في هذا الملف بالتحديد ثمة من يتحدث عن وجود رسائل ايرانية غير مباشرة بان طهران ، ربما ستطالب بغداد بتسديد ديونها التي ترتبت على العراق ابان حربه ضد الارهاب الداعشي ، كما نقلت الاخبار من ان ايران طالبت سوريا بتسديـد مابذمتها من ديـون ..
وبصرف النظر ، فيما اذا كانت مثل هذه المعلومات صحيحة ، ام انها ليست سوى محض كلام ، تبقى ملفات السياحة وبناء المناطق الصناعية المشتركة وتنفيذ مشروع الربط السككي بين البلدين ، وسوى ذلك ملفات مهمة تستحق ان تناقش من قبل اصحاب القرار الاول ، ومن المؤكد ايضا ان زيارة روحاني كانت موضع اهتمام ومتابعة ومراقبة من قبل واشنطن والعواصم الاوروبية والعربية ، لاسيما بعد دخول العقوبات الاميركية على طهران حيز التنفيذ ، ولذلك فان ادارة الرئيس ترامب ، ربما ستتحرك هنا او هناك في ضوء ما ينتج عن هذه الزيارة من اتفاقات او تفاهمات استراتيجية ، قد تسهم في تخفيف الضغط الذي تواجهه طهران من جراء عقوبات واشنطن ضدها .
وفي جميع الاحوال ، فان زيارة روحاني الى بغداد بعد ٦ سنوات من توليه سدة الرئاسة في ايران ، وبعيدا عما اثير بشأنها ، فانها تمثل اهمية كبيرة للبلدين ، وسعيهما المشترك لاغلاق جميع الملفات التي مازالت مفتوحة ، وقد آن الاوان لاغلاقها ، بزيارة الرئيس روحاني .
روحاني .. مابعد الزيارة
التعليقات مغلقة