حليبٌ أسود

مياده قداح
” الليل ينجب النهار. نستطيع بدء الحياة من جديد، في أَّي وقت، وأيَّ مكان”
جلال الدين الرومي
هذا ما تناهى إلى سمعها، إذ كان هناك قوتان راحتا تتصارعان من أجل الاستمرار والبقاء في مذكرات الروائيّة التركيّة إليف شفَاق المدونة تحت عنوان( حليب أسود). رمزت إليف بالأسود للحبر وبالأبيض للأمومة.
عرفتنا الروائية من خلال هذا العمل على أشياء كثيرة تتعلق بحياتها الشخصية، فقد كانت جريئة بطرحها لأمورٍ كثيرةٍ، إلاَّ أنها ركّزت جلَّ اهتمامها على موضوع الاكتئاب ما بعد الولادة، هي التي رفضت فكرة الزواج خوفاً من تأثير ذلك على مسيرتها الأدبيّة، كما أنّها رفضت أن تكون تابعا، كونها سترث لقبَ عائلة أبيها، ومن ثمَّ زوجها، الأمر الذي دفعها وهي في الثامنة عشرة من عمرها لتغيير اسمها الثاني ليصبح إليف شفَاق وذلك على اسم أمها ( شفق) .
اعتمدت الروائيّة في سرد قصّة حياتها على عدة حريم صغيرات متناقضات، كنّ بحجم الأنامل أعطينَّ الرواية مسحة جمالية تجلت في الإبداع والخيال، كنَّ يمثلنَّ جوانبَ خاصّة من شخصيتهّا، على سبيل المثال جناب التشيخوفيّة، العمليّة القصّيرة – الدّرويشة – ماما الرز بحليب .. الخ
إلا أنَّ هناك سؤالا أرقني بعض الشيء كقارئة: فهل يصّب الكاتب جلَّ اهتمامه على عمل واحدٍ يمنحه الشّهرة ؟ فقد تبين لي أن هذه الرّوايّة لو لم يكن اسم إليف مدونٌ على غلافها لما نسبتها إليها. وهناك الكثير من الأمثلة عما ذكرته، أحلام مستغانمي (ذاكرة الجسد) كانت أقوى أعمالها، إذ كان الفرق شاسعا وكبيراً بينها وبين أعمالها الأخرى على سبيل المثال (قواعد العشق الأربعون ) ومما أضعف الرواية أيضاً اعتمادها على سرد مطول ومفصل اشتمل على أجزاء عديدة وكاملة في الرواية ، تحدثت من خلالها عن حيوات العديد من الروائيات اللاتي تعرضنَّ لمثل ما تعرضت له . وبرأي كقارئة كان يكفي مثالٌ واحدٌ فقط. حيث يمكن للقارئ التعرف على ما ذكرت من خلال googlمثلاً.
كما كان من الممكن أن يختصر الكتاب إلى ثلاث مئة صفحة بدلاً من الأربعة مئة تقريباً.
ولأن الأمومة هي الأقوى، فقد أنجبت ابنتها الأولى وأطلقت عليها اسم شهرزاد نسبة للعمل الأعظم في تاريخ الشرق، وابن أسمته أمير زاهر، وزاهر مأخوذ عن قصة لبورخيس.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة