الخبز في الموروث الشعبي

ستار كريم مظلوم
إَن الخبز هو المادة الغذائية التي عرفها الانسان منذ أن كان على هذه الأرض. وقد ورد ذكره في الكتب السماوية. وما من ثورة قامت الا وكان الخبز في طليعة ما طالبه الثوار، وليس بين شعراء الدنيا من أغفل الاشارة اليه ومثلهم مشاهير الكتّاب وهو – الخبز – حتى اليوم والى أمد بعيد جداَ يشغل بال الافراد والشعوب، لأن الأنسان لا يمكنه الاستغناء عنه في وجبات طعامه اليومي على كثرة ما عرفه من لحوم وحبوب وخضر وفواكه. وكان رغيف الخبز في العراق القديم تصنعه ربات البيوت وكان التنور على جانب كبير من الأهمية لكل بيت، كما كان الرغيف يباع في الأسواق وكانت جميع الأرغفة من صنع المرأة كما كانت بائعته وذلك قبل أن نعرف( الصمون) بكل أنواعه، كما هو الحال اليوم تقوم بائعة الخبز بوضعه في سلة خاصة به وتعرضه على طالبيه وكنا نجد بائعاته في معظم أسواق بغداد، قد جلسن الى جنبا الى جنب، وقد وضعن السلال أمامهن، ولم يكن بينهن من الجنس الخشن الا الصبية، أمّا الرجال فلا، ثم اشتهر وجود الخبز الرجالي بعد سنة عام 1920، وكان سوق ( باب الأغا قد انتشر بوجودهم فيه وكانوا يقولون ( مثل خبز باب الأغا أبيض ومجسب ورخيص) كما قالوا على ( على كصته دناكل خبز) ويقولون عن المتوفي( خلصت خبزته) وجاء في (البدائع)لأبن القيم الجوزية قوله ( ما ابيض لون رغيفهم حتى إسودَّ لون ضعيفهم). وهذا يذكرنا برغيف الفقير، فإن القسم الأكبر منه يصنع من الشعير وكانت بعض المخابز، والأفران تصنعه ويقبل على شرائه المرضى بالسكر، وقد تبين فيما لا يقبل الشك أن الخبز الجيد والمفيد للجسم، هو الذي لم يجر سحب النخالة منه. وقد سمعنا من عدة ندوات إذاعية وتلفزيونية حول ذلك، وفيما حث الناس على أكل الخبز بنخالته، والنخالة هي ( الردّة) وتتألف من قشور الحبوب، حنطة كانت أم شعيراً. وقد قيل في الأمثال ( من غربل الناس نخلوه) والغربلة تكون بالغربال الذي يلتقط الأجسام الغريبة الكبيرة الحجم. أما النخل بالمنخل فيراد به سحب النخالة من الطحين. وقبل أن نقوم بخبز الخبز يجب إعداد العجين بالقدر المطلوب، وإضافة (الخمرة) اليه، ثم القيام بـ( شجر) التنور وكلمة( شجر) أصلها سجر ونقول( يسجرن التنور) أي اشعلنا فيه النار. وبعد أن يتم ذلك، نقوم بفتح قطعة من العجين بالكفين عن طريق الراحتين حتى تكون بقدر الرغيف ونلصقها بجدار التنور ونتركها حتى تنضج. ونقول الخبز العراقي مع أنه يستعمل في عدة أنحاء من الوطن العربي، في الجزيرة العربية على الأخص. وخبزنا يصلح لإعداد أكلات، لا يمكن إعدادها بخبز آخر كما هو الحال بالنسبة لـ( التشريب والباقلاء والباجة) والخبز العراقي هو أكثر اقتصاداً للطحين من غيره، كما أن الصمون بأنواعه غير اقتصادي جرّاء ما لا نأكله من لبّه وهو الخبز الذي يتم انضاجه على( الصاج). ويشيع الأقبال على هذا الخبز في شمال العراق كما أن ( الصاج) كان يستعمل في الجنوب لإنضاج خبز اليوم عليه، وليس لصنع الخبز وخزنه. ويصنع الخبز الآني من طحين الذرة غالباً. وقد تفنن الناس في صنع الأنواع المتعددة من الخبز. ولا فرق في ذلك بين الصمونة وأشهر أنواع الخبز ما عرفناه منه باسم (خبز العروك) وهو الخبز المخلوط باللحم المثروم والبصل والكرفس، وكان هذا الخبز يعتبر من أول ما يتزود به المسافر إن امكنه ذلك ويصنعون اليوم ما يماثل ذلك الخبز ويسمّونه ( خبز بعجين) ويمكن ادخال كل ما يصنعه باعة الكعك ضمن ألوان الخبز، وعندما نفكر طويلاً في الرغيف وعلاقته القديمة والمتجددة بالإنسان نجد أنه بحق( نعمة الله) على البشرية وهذا يحتم علينا الإكثار من زراعة الحنطة، مع الحرص الزائد على عدم إلقاء كسرة خبز صغيرة مع النفايات.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة