نجاة الزباير
إلى قارئ لا أعرفه….
كثرت أحداث الحياة، فهل جلست مع قلبك تسأله عنك؟
أم سرقتك الأيام ووضعتكَ في حقيبة جلدية تُطل منها مثل عازف على مزمار سحري لكي تقولَ : أنا هنا.
وحين ترتدي قميصَ الليل كي ينام قلبُك ليرتاح منك، ينزعه عنك بقوة، ويصيح: يا للهفة العاشقين..!
وبعدها تستسلمُ للسكون الذي يصافحك.. كي تجد نفسك في منفاكَ وحيدا، تعدُّ أصابعك الخضراء كي تعزف مع لوركا، لحنا سماويا وحدها الروح تسمعه وتبكي.
هل أنت يا قارئي الذي لا أعرف..
رفرفتَ بجناحين من غبار ووقفت على أوجاعك تصرخ:
ـ لا شيء عندي غير غفوة فوق سرير الحلم، كلما استيقظتُ منها تساءلتُ:
من يوقف هواجس القلب، وينشر فوق حبْلِ أمانيه بعض كلمات تضفي عليه سكونا يحتاج إليه؟
وهل ركضت مثلي في أوصال الشتاء، بكل عنفوانك وتميزك، وحملتَ كمنجات الحياة معك، لأن طريق الانتظار طويل؟
لتقول مع المتنبي : واحر قلباه ممن قلبه شبم….
اليوم مددتُ يدي للشمس، رغبت في إطمار الخريف والشتاء وكل الفصول التي ولدتْها الجبال الشاهقات، كان مبتسما مثل ربيع ولده الشغف، لمحتُ في يده خاتما يحمل سحرا آسيويا، سألته عنه، ورغم الخمر المنساب من شفتي الجواب، شيء ما تسلل من دم القصيدة وبكى وجعا.
فيا قارئي الذي لا أعرف..
لا تلتفت لبكاء الريح في نهر دمك، فمن يدري؟.. قد يزهر ما كان ذابلا في ساحاتك، لترى التفاصيل الصغيرة قد غدتْ حديقة صدق، ولا تفتحْ أمامك غير كتاب الحب، وبعدها أنا..وأنت …
سنمضي نحو رواية لا تنتهي فصولها، ليس مهما إن احتوت بعض جنون فان غوغ، أو الحزن الأزرق لبيكاسو. أو هواجس مضاءة بعشبة كلكاميش.
حتى وإن فشل القلب في استرجاع رحلته الغجرية التي سكنت في مرايا الغموض، وعطر الجمال، ابتسم للحياة.