رحل الفنان الصحفي الأستاذ إسماعيل زاير عنا جسدا، ومازالت روحه النابضة بالقوة والطيبة والابداع ترافقنا أينما حللنا، ومازالت أيضا إنجازاته الثقافية والفنية والإنسانية قائمة ومتطورة تتجسد بأشكال متعددة ورؤى مختلفة حتى بعد رحيله المفجع.
كيف لا وهو عملاق الصحافة العراقية، ومؤسس الصحافة الحرة في العراق الجديد بعد سقوط نظام البعث الذي قاومه طويلا، وحارب أفكاره المنحرفة طوال سني حياته، دافعا أغلى الاثمان، مضحيا بحياته الشخصية والعائلية من اجل مبادى رفض ان يساوم عليها او يحيد عنها.
في اول أيام ولادة العراق الجديد، كان إسماعيل زاير، صقرا محاربا حاضرا بكل ما اؤتي من قوة ورغبة في بناء عراق ما بعد الظلمات، فكان اول الواصلين العائدين لارضه وابنائه واحلامه وعشقه للبلاد التي اصر واختار ان يعيش اخر أيامه على ارضها ويدفن تحت ترابها.
إسماعيل زاير مؤسس جريدة “الصباح”، اول صحيفة دولة مستقلة عن نظام الحكم في البلاد، ومؤسس جريدة “الصباح الجديد”، واحد ابرز مؤسسي شبكة الاعلام العراقي، عمل جاهدا منفردا على اطلاق اول إذاعة عراقية حرة بعد سقوط النظام واسس اول منظمة مدنية إنسانية مؤسسة ” المنبر المدني ” والتي اشرف من خلالها على تدريب وتطوير كبار الصحفيين والكثير من السياسيين وحاز على احترام وتقدير الملوك والرؤساء العرب والأجانب على حد سواء .
لم يكن يوما طائفيا او قوميا او حزبيا، انتماءه الوحيد والابدي، كان للكلمة الحرة والتي تجسدت بولادة صحيفة ” الصباح الجديد ” التي وقفت في كل اعدادها وما تزال، على مسافة واحدة من كل الأحزاب والشخصيات، ولم ترتهن لأي كان، لأنه حرص على احترام الإنسانية وحقوق المرأة والبشر على اختلاف انتماءاتهم الدينية والمذهبية والقومية طوال مسيرته التي كنت من بين الشهود عليها، انا والكثير من الأصدقاء المثقفين والادباء والشخصيات السياسية المحترمة.
طوال مسيرته المشرفة كان يحرص على إرساء أسس الصحافة المهنية الحرة المستقلة المحترمة بعيدا كل البعد عن ما ينافي شرف مهنة العمل الصحفي الرصين فكان رمزا من رموز المثقفين العراقيين الناجحين بجدارته.
وانجازاته الفكرية والإنسانية تشهد له ….. .
عشت كريما عزيزا معتدا بنفسك وكرامتك “يا ابا ظافر “.
تعددت القابك أينما حللت فالارض التي تحل بها تشتهي ان تكون منها، ولدت بأصالة اهل الجنوب وغزارتهم وعنفوانهم ومخيلتهم الثرية فكنت إسماعيل زاير الأخ الأصغر للمثقف الكبير والفنان والصحفي إبراهيم زاير .
رحلت شمالا، فكنت مخلصا عزيزا قريبا صديقا، عشقت كردستان وأهلها وارضها فكنت “ماموستا شاهين “، كما اختاروا ان يسموك، ورحت الى ارض المنفى ثائرا مقاتلا اديبا ومفكرا فكنت “غسان عبدالله” الثائر المحارب .
تعددت اسماؤك ايها الصقر الحر الذي مد جناحيه على اسطح الدنيا وما كفتك فرحلت مسافرا الى فضاء السكينة لتضم الى جسدك جناحيك بعد تعب السنين وصخب العمر.
لن نقول وداعا، لأننا سننتظر موعد اللقاء.
ظفار زاير