ماهر فيصل
لسنا بحاجة الى القول ان إسماعيل زاير رحمه الله، قلم رشيق، او كاتب رفيع، سيما وانه ترك من المنشور وغير المنشور ما يجعله كاتبا رفيعا في الشأن اليومي على مستوى الصحافة، ومحللا مقتدرا على المستوى السياسي، ومن هنا لن اتناوله كاتبا او صحفيا، او تشكيليا، على الرغم من انه عني بالفن التشكيلي رساما وناقدا وباحثا، لأني لن اضيف فيه او له جديدا، ومن هنا سأكشف امرا خاصا به، لا يعرفه ربما حتى اقرب الناس اليه، وهو طريقته المثلى والتي امنت له النجاح في إدارة العمل الصحفي.
إدارة العمل الصحفي ليست بالأمر السهل او الهين، سيما وأنها الامتحان الصعب الذي رسب فيه كثير من رؤساء ومدراء التحرير، ونجح فيه القلة.
من التجربة، تعلمت ان إدارة العمل الصحفي تتطلب حين تكون رئيسا او مديرا للتحرير، ان تكون عفيفا، مترفعا عما يحيط بك، وان تؤمن بقدرات الأخرين، فتترك لهم خوض الامتحان الذي سبق لك ان مررت به.
وكل هذه الصفات كانت متوافرة في إسماعيل، كان عفيفا في التعامل مع الحدث، لا يعكس ميوله الشخصية او مواقفه الخاصة عليهن ومن هنا اتسمت ادارته بالحيادية النادرة، وكان مترفعا عن سماع اللغط والتهريج اللذين لا تخلو منهما مؤسسة صحفية حتى في اكثر البلدان تطورا، وبهذا طمأن العاملين معه على الدوام انهم بمأمن من الاخرين، وان لكل منهم حصته الخاصة في ذهنه كرئيس للتحرير، وكان يؤمن بقدرات الاخرين، حتى يبلغ الآخر فشله او نجاحه، على الرغم من خطورة التجربة في مؤسسة صحفيه، وكان هذا الأمر، اول الذي عرفناه في ابي ظفار رحمه الله.
بعد تشكيل هيئة التحرير لجريدة الصباح التي تولى رئاسة تحريرها قبيل منتصف 2003، اجتمع بنا، وسألنا جميعا عن السبب الذي جعلنا نضع كل الأخبار والتقارير والتحقيقات على منضدته، وحين كانت الإجابة ان هذا الأمر هو المتبع عادة في العمل الصحفي، رفض الأمر وقال، انتم أعضاء هيئة التحرير، وكل منكم يدير قسما، ومن هنا انتم رؤساء التحرير، وعليه ترسل مواد كل منكم الى النشر مباشرة من دون ان تعرض علي، الا في الحالات التي ترون انها قد تشكل مأزقا او تتطلب مناقشة، ومن هنا تولى كل منا مسؤوليته بقدر عال من الحرص والالتزام، ومن هنا لم يخفق أي منا فنجحت الصباح.
والرائع انه أعاد مبدأ العمل هذا في الصباح الجديد، لتنجح بدورها وتستمر.
السؤال، الم يخفق البعض في الامتحان الصعب؟ نعم ولكن الذين أخفقوا، هم أولئك الذين لم يتعففوا ولم يترفعوا عن الذي يحيط بهم فسقطوا في فخ ضعف القدرة.
هل كشفت لكم سر نجاح إسماعيل… الرجل الذي غادرنا عفيفا مترفعا عما يحيط به؟