مكافحة الإرهاب: الاستراتيجيات والسياسات

(مواجهة المقاتلين الأجانب والدعاية الجهادية)
يتناول هذا الكتاب تعريف الإرهاب وقضية المقاتلين الأجانب، وتنقلهم ما بين دول أوروبا ـ وسوريا والعراق، لغرض القتال إلى جانب داعش هناك أو تنفيذ عمليات إرهابية في دول أوروبا والغرب.
وناقش الكاتب درجة تهديد المقاتلين الأجانب إلى الأمن القومي لدول أوروبا بشتى درجات خطورة المقاتلين العائدين، مع تفصيلات وإحصائيات عن أعدادهم وخلفياتهم وطرائق التجنيد وأسباب التجنيد ودول تواجدهم بنحو بيانات واستقصاء وبوابات العبور إلى سوريا والعراق عبر تركيا.
ولأهمية الكتاب تنشر ” الصباح الجديد” فصولاً منه.
الحلقة 49
جاسم محمد*

ألمانيا قانون جديد لمكافحة الإرهاب [1] نفى وزير العدل الألماني خلال شهر فبراير 2015 أن تكون الإجراءات القانونية الجديدة حول الإرهاب أمرا مبالغا فيه، معتبرا أنها تقع ضمن إجراءات دولية لمكافحة الإرهاب. ويجرم القانون الجديد التخطيط للالتحاق بمقاتلين في الخارج أو جمع تبرعات لهم
ودافع وزير العدل الألماني “هايكو ماس” عن خطط تشديد العقوبات ضد سفر الشباب الجهاديين إلى مناطق الصراع في الشرق الأوسط. وقال ماس يوم27 فبراير2015 في البرلمان الألماني (بوندستاغ) إن تشديد القانون الجنائي الذي وافق عليه مجلس الوزراء الألماني ليس إجراء مبالغا فيه، كما أنه لم يأت كرد فعل على الهجمات الإرهابية الأخيرة التي شهدتها أوروبا . وأوضح ماس أن الأمريتعلق بالأساس بتطبيق إجراءات دولية كان مخططا لها منذ فترة طويلة. ويسمح القانون المرتقب إقراره بتجريم الراغبين في الانضمام “للجهاد”. وبموجبه يمكن مقاضاة أي شخص يخطط للسفر من ألمانيا “للمشاركة في جرائم عنف تعرض أمن الدولة لخطر جسيم في الخارج” أو للانضمام إلى أحد معسكرات التدريب على تنفيذ عمليات إرهابية. كما يجرم القانون الجديد أيضا تمويل الإرهاب حتى ولو تعلق الأمر بجمع مبالغ قليلة من المال لتمويل سفر “الجهاديين”. وتستند تلك التعديلات إلى قرار الأمم المتحدة الصادر في سبتمبر 2014، والذي يلزم الدول الأعضاء باتخاذ إجراءات مشددة لمكافحة الإرهاب، بينها منع سفر “الجهاديين” إلى مناطق النزاعات. ويتبنى نواب الائتلاف الحاكم في البرلمان الألماني مواقف مختلفة إزاء ما يسمى بالترويج للتعاطف مع الجماعات الإرهابية، حيث يؤيد التحالف المسيحي المنتمية إليه المستشارة أنغيلا ميركل تجريم تلك الممارسات، بينما يعارض ذلك الحزب الاشتراكي الديمقراطي المنتمي إليه “ماس”.

سياسات اوربية جديدة لمكافحة الارهاب على الارض
إن المانيا ودول الاتحاد الاوربي اتخذت خطوات مشتركة تماما لاعادة سياساتها في مكافحة الارهاب، فأصدار القانون الجديد الذي يجرم جمع التبرعات ولو قليله او تأييد الجماعات الارهابية تعتبر جريمة، هي خطوة بالاتجاه الصحيح من شأنها تحجم نشاط الجماعات “الجهادية” السلفية في اوربا.
المشكلة ان اوربا كان لها فهم خاطيء وربما مقصود بترك هذه الجماعات تنشط على اراضيها ومنذ عقود.
[2] (لوكسبراس الفرنسية)
[1] تقرير هـ.د/ ح.ع.ح ( د ب أ)DW
إن تغيير السياسات وتحجيم هذه الجماعات جائت فقط في اعقاب تنامي خطر “الجهاديين” العائدين من سوح القتال وهذا مايثير الكثير من الشكوك بالعلاقة مابين استخبارات الدول الاوربية وهذه الجماعات التي كانت في الغالب تقوم بتجنيدهم. إن اغلب المتورطين في عمليات ارهابية في اوربا او خارجها كانوا عملاء للاستخبارات الغربية لكنهم لعبوا الدور المزدوج. وفي اية حال فأن اوربا تتبع الان سياسة اكثر صرامة تجاه هذه الجماعات رغم تحديات مشكلة الميزانية والقوة البشرية داخل الاستخبارات والامن ، القانون ممكن ان يعرض دول اوربا الى انتقادات حول تضيق الحريات والشفافية، التي كانت اوربا تهاحم بها حكومات المنطقة مع الشكر والتقدير
روما تقر تدابير جديدة لمكافحة الإرهاب [5] أعلن وزير الداخلية الإيطالي أنجلينو الفانو الثلاثاء 10 فبراير/ شباط عن مجموعة من التدابير لتعزيز سبل مكافحة الإرهاب، تستهدف المقاتلين الأجانب الذين ينتمون لتنظيمات متشددة. وأوضح الوزير في تصريح صحفي أن روما ستضيف أحكاما جديدة إلى قانونها الجزائي تنطبق على الذين ينضمون إلى صفوف منظمات إرهابية في الخارج
وتتمثل الأحكام الجزائية بالسجن ما بين 3 و6 سنوات لـ”المقاتلين الأجانب” في إيطاليا، إضافة للممولين ومن يمدون أيدي المساعدة لهم، بحسب ما قاله الوزير. وأضاف قائلا إن” القتال في الخارج بات جنحة”، مضيفا أنه قبل إقرار هذه التعديلات القانونية لم يكن باستطاعة السلطات الإيطالية ملاحقة هؤلاء “المقاتلين الأجانب” بشكل قانوني. وكان الوزير أعلن قبل أسابيع أن عدد الإيطاليين الذين يقاتلون في الخارج إلى جانب تنظيمات إرهابية يبلغ نحو 50 شخصا. وشددت إيطاليا العقوبات بحق الأفراد الذين يمجدون الإرهاب عبر الإنترنت مع إمكان غلق مواقع تطبيقا لإجراءات قانونية جديدة
مشروع قانون البرلمان الفرنسي الاستخباراتي يثير الانتقادات [3] أثار مشروع القانون الذي أقره البرلمان الفرنسي يوم 24 يونيو 2015، المزيد من الجدل والغضب بين نواب البرلمان، بحيث أقر القانون بمنح أجهزة المخابرات الحكومية مزيدًا من الحرية بالتنصت على المواطنين والتى أصدرته الحكومة باسم مكافحة الإرهاب. جاء إصدار فرنسا لمشروع القانون في إطار غضبها بشأن تسريبات التجسس الأخيرة التي قامت بها الولايات المتحدة على آخر ثلاثة رؤساء فرنسيين، فضلًا عن الهجمات التي قتل فيها 17 شخصًا أوائل يناير 2015 في باريس.
[1] هـ.د/ ح.ع.ح ( د ب أ)
[ 5 ] ( أ ف ب)
[ 3 ] ( أ ف ب)
كما أوضحت الحكومة بأن إصدار هذا القانون في إطار حمايتها من هجمات التجسس الاقتصادية، ويحدد النص مجموعة واسعة من مهام لأجهزة الاستخبارات ونظام الترخيص والرقابة ليعتمد على عدد من تقنيات التجسس منها: “زرع أجهزة التنصت، والكاميرات أو تركيب البرمجيات للحصول على كافة بيانات الاتصال”. ويسمح هذا القانون لاجهزة الاستخبارات باختراق “الارهابيين” المحتملين ومراقبتهم من خلال اذونات ادارية بدون الموافقة المسبقة من قاض.
وعلى اثر اعتداءات يناير 2015 التي اوقعت 17 قتيلا في فرنسا، بات من الضروري سن قوانين من اجل “وضع اطار لعمل (اجهزة مكافحة الارهاب) ومنحها” الوسائل “المناسبة للتصدي للتهديد” الجهادي. واقرت الحكومة في هذا السياق بوجود “ثغرات” في الامن في فرنسا. ويكون بالامكان بموجب القانون الجديد القيام بعمليات “اعتراض امني” لمحتوى الرسائل الالكترونية والاتصالات الهاتفية ولكن فقط اذا كانت على ارتباط مباشر بالتحقيق. كما ينص القانون على “اللجوء الى اجهزة لتسجيل كلام اشخاص وصورهم، او لبرامج معلوماتية تلتقط البيانات المعلوماتية” ما سيسمح لعناصر الاستخبارات بوضع ميكروفونات وكاميرات تجسس وغيرها اينما يرون ذلك ضروريا بما في ذلك اقامة مراكز تتبع هواتف المشتركين التي تسمح باعتراض الاتصالات في مربع معين، سواء اتصالات مشتبه بهم او المقربين منهم. وينص القانون على سبيل المثال على التقاط ما يتم نقره على مفاتيح هاتف معين بشكل اني. كما يلزم القانون مشغلي خطوط الهاتف ومزودي الانترنت بتسليم السلطات كل ما يمكن ان يجمعوه من بيانات.

أستراليا تعلن عن مشروع قانون جديد لمكافحة الإرهاب [4] أعلن رئيس الوزراء الاسترالي توني ابوت يوم 24 مايو 2015 ان بلاده تبني مشروع قانون جديد لمكافحة الإرهاب من المتوقع ان يتضمن سحب الجنسية من حاملي جوازي سفر في حال تورطهم بالإرهاب.‏ ونقلت “ا ف ب” عن ابوت قوله في حديث للصحفيين ان الحكومة تبحث ايضا ادخال برنامج بعنوان مراقبة الجهادي إلى المدارس هدفه تحديد وجود اي سلوك متطرف بين التلاميذ، واضاف ان الاشخاص الذين يقاتلون مع المجموعات الإرهابية خارج البلاد او المتورطين في نشاطات إرهابية في استراليا يحملون في وجهنا السلاح ومن الصعب جدا ان نتخيل بقاء هؤلاء الذين يحاولون تدميرنا في بلادنا . واضاف ابوت ان 250 استراليا على الاقل بعضهم صغار السن وقعوا في شرك ايديولوجية الشر والموت التابعة لتنظيم داعش موضحا ان وكالة الاستخبارات المحلية تجري ما يفوق عن 400 تحقيق في اطار مكافحة الإرهاب.‏ يأتي ذلك بالتزامن مع كشف صحيفة ديلي ميل البريطانية عن ان الحكومة الاسترالية وضعت خطة جديدة من اجل مكافحة التطرف والتصدي للإرهاب تقوم على نشر الوعي بين الطلاب والاساتذة وادخال مواد دراسية خاصة للتعرف على الإرهابيين المحتملين.‏
الإجراءات المتخذة من الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب [8] عتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب في 8 سبتمبر 2006. وهذا يمثل المرة الأولى التي تتفق فيها الدول الأعضاء على إطار استراتيجي وعالمي شامل لمكافحة الإرهاب
[ 4 ] تقرير القدس نييوز
[ 8 ] موقع الامم المتحدة الرسمي
وتحدد الاستراتيجية تدابير ملموسة لكي تتخذها الدول الأعضاء فردياً وجماعياً من أجل: معالجة الأوضاع التي تفضي إلى انتشار الإرهاب، ومنع ومكافحة الإرهاب، وتعزيز قدرتها الفردية والجماعية على القيام بذلك، وحماية حقوق الإنسان والتمسك بسيادة القانون في مكافحة الإرهاب. وتدعو الاستراتيجية الدول الأعضاء إلى العمل مع منظومة الأمم المتحدة لتنفيذ أحكام خطة العمل الواردة في الاستراتيجية وتدعو في الوقت ذاته كيانات الأمم المتحدة إلى مساعدة الدول الأعضاء في جهودها.
وتتخذ إدارات الأمم المتحدة وبرامجها وصناديقها ووكالاتها إجراءات في عدد من المجالات تماشياً مع الاستراتيجية بصفتها الفردية ومن خلال الجهود المشتركة المبذولة في إطار فرقة العمل المعنية بتنفيذ مكافحة الإرهاب (1) (CTITF):

* باحث عراقي، مقيم في المانيا، متخصص في مكافحة الإرهاب والاستخبارات
و الكتاب صادر عن دار نشر وتوزيع المكتب العربي للمعارف – القاهرة

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة