بابل – عادل محمد:
حذر أكاديميون مختصون في العلوم الاجتماعية بجامعة بابل من تنامي ظاهرة التفاهة وانحدار الذوق العام التي أضحت اليوم واضحة وخطرها يتزايد يوماً بعد يوم لأنها تهدد كل المنظومة القيمية للمجتمع العراقي، وتهدد جيلاً كاملاً بالضياع.
جاء ذلك في الندوة الحوارية “الذوق العام وعصر التفاهة” التي أقامها مركز بابل للدراسات الحضارية في الجامعة قدمها أستاذ علم الاجتماع الدكتور ظاهر محسن هاني الجبوري وأدارها مدير المركز الدكتور بدر ناصر السلطاني، بحضور أساتذة وباحثين.
وبين السلطاني أن الندوة ناقشت أهم الأسباب التي ساعدت على انحلال بعض فئات المجتمع العراقي على الكثير من المستويات وقدمت مجموعة من المقاطع التصويرية التي استعرضت مظاهر الثقافة في المجتمع وضعف الذوق العام لدى البعض، كما أوجدت الحلول والمعالجات التي يمكن من خلالها صناعة مجتمع سليم يحترم المواطن.
وقال استاذ علم الاجتماع الدكتور ظاهر محسن هاني الجبوري في محاضرته: إن الندوة تناولت تعريفاً لمفهومي “الذوق العام وعصر التفاهة”، بالإضافة إلى تحديد العوامل والأسباب التي أدت إلى انتشار الظاهرة بين أفراد المجتمع، ذلك أن المحتوى التافه لم يستثن فئة معينة، رجالاً ونساءً، كباراً وصغاراً في ظل تنامي الظاهرة، وتساءل قائلا؟ ماذا بعد هذا العبث؟ أخلاق تنحدر، ذائقة تتشوه، ثقافة تتسطح، قيم تتلاشى، جيل بأكمله يضيع.
واضاف: أن القيم والعادات والتقاليد والاعراف الاجتماعية أوجدها المجتمع العراقي من أجل حمايته والدفاع عنه ضد أي سلوك غير سوي يهدد أواصر الترابط والنسيج الاجتماعي، لذا يعمد المجتمع إلى خلق عقوبات تتناسب حدتها مع طبيعة السلوك غير السوي، وبعد التغيير الذي حدث في عام 2003 نجد أن وتيرة التغييرات التي مر بها المجتمع العراقي قد تركت أثرها البالغ فيه وأسهمت في تخفيف حدة القيم والعادات والتقاليد الاجتماعية.
وتابع حديثه بالقول: أصبحت المسامحة في مجتمع المدينة واحدة من المقاييس التي يعتمدها أفراد المجتمع في تقييم سلوكيات بعض الأفراد الذين يمارسون سلوكيات غير معتاد على رؤيتها المجتمع، فقصات الشعر ونحت الجسم والوشم عليه والتلفظ بالألفاظ النابية والخادشة للحياء على صفحات التواصل الاجتماعي أصبحت ظاهرة اجتماعية مألوفة، لا بل تطور الامر للتجاوز على بعض الرموز الاجتماعية والدينية كالمعلم ورجل الدين والمثقف وغيرهم وأصبحنا نجدها مصورة بمقاطع فيديو وتنشر على مواقع التواصل الاجتماعي من خلال التهكم والتنمر عليهم، كما أصبحنا نشاهد حفلات التخرج لطلبة الجامعة التي باتت بعيدة جداً عن قواعد الاعراف الجامعية المتعارف عليها ؛حيث تم خلال الندوة عرض مجموعة من المقاطع الفيديوية توضح طبيعة التفاهة وخدشها للذوق العام في المجتمع العراقي.
ولفت الجبوري الى أن الغريب في الامر .. تسويق ظاهرة التفاهة تقوده مؤسسات غربية وتقوم بتسويقه للمجتمعات العربية، فهي تقدمه على أنه مثال للتحضر، وتمنحه المال والجاه وربما السلطة، كي تغري الاخرين بالانسياق وراء أفعاله وتصرفاته على أنها التصرفات التي تحقق له امنياته وطموحاته.
وبين أن الندوة شهدت الكثير من المداخلات التي صبت في إيجاد الحلول والمعالجات واستعرضت بعض الخطوات التي من الممكن أن تساعد في تخفيف حدة انعكاسات هذه الظاهرة ومنها: تفعيل قانون المحتوى الهابط المعمول به في وزارة الداخلية، ليشمل كل ما من شأنه تهديد أمن المجتمع واستقراره ومنظومته القيمية ، ومن الضروري قيام الاسرة بواجباتها الاجتماعية وضبط استخدام الانترنت لأبنائها ومراقبة الصفحات والمواقع التي يتصفحونها ، ومن المهم جداً على وزارة الاتصالات العمل على مراقبة المواقع المشبوهة وحظرها داخل المجتمع العراقي كذلك قيام مؤسسات المجتمع المدني بالتعاون مع وزارتي التعليم العالي والبحث العلمي و وزارة التربية تنظيم ندوات وورش عمل ومؤتمرات تتناول موضوع الذوق العام والتفاهة، ومحاولة ايجاد خطاب ديني جديد يركز على القيمة الحقيقية للإنسان وتكريم الله تعالى له دون باقي المخلوقات ، وقيام وزارة الشباب بتفعيل مراكز الشباب المنتشرة في كل مناطق العراق الفعاليات والانشطة الرياضية والترفيهية والكشفية التي تسعى لبناء عقل واع وتشغل أوقات الفراغ بما ينفع الشباب والمجتمع.