د.محمد فلحي
في أزمة فايروس كورونا التي يواجهها العالم كله بقلق شديد،لا بد أن تهتز قلوب النساء الرقيقة أمام عناوين الأخبار المخيفة،والأرقام المتزايدة من ضحايا الوباء المرعب،ولا بد أن تكون المرأة في قلب المعركة ضد هذا الوباء الجديد،سواء كانت طبيبة أم ممرضة أم موظفة،فضلاً عن كونها أُمّاً تحاول توفير الحماية الأسرية والرعاية الصحية لعائلتها،من خلال أجواء النظافة في البيت، واختيار الغذاء الذي يزيد المناعة الجسدية،وهناك دور للمرأة لا يقل أهمية هو تبديد الخوف ونشر الإيمان والأمان والطمأنينة في نفوس الصغار الذين يقرأون المستقبل المجهول في حدقات عيون الأمهات عادة،فينامون ويحلمون رغم الخطر الفايروسي الذي يحيط بالجميع، ولا تدركه الأبصار! الأزمات لن تدوم طويلاً،رغم كونها تجارب قاسية، وسوف تمر هذه مثل سابقاتها، فقد شهدت البشرية حروباً طاحنة، وأمراض عديدة أبادت الملايين من الناس،وسيكون الصبر والعمل سلاحين ضد الخطر،ولا شك أن المرأة الواعية تكون قدوة لمن حولها في كيفية التعامل مع مخاطر الوباء وتجنب عواقبه ومنع انتشاره،عبر مراعاة التعليمات الوقائية والعلاجية الطبية وتطبيقها،حتى تعود الحياة إلى طبيعتها. إن ظروف هذه الأزمة الوبائية تختلف عن التجارب السابقة،في ظل العولمة ووسائل النقل الحديثة والتواصل الإلكتروني غير المسبوق،وتدفق المعلومات والأخبار بدون حدود أو قيود، وهو ما جعل الوباء الحالي يكتسب صفة العالمية فور انتشاره،وقد كان رد الفعل دولياً لأن التحدي لا يستثني بلداً أو شعباً او قارة،فشبح الموت الصامت يهدد الجميع،ولا يفرق بين الرجال والنساء أو الصغار والكبار أو البيض والسود،وهذه المساواة أمام الخطر الواحد تجعل الجميع شركاء في المواجهة،وبذل الجهود المشتركة من أجل الوقاية واكتشاف العقاقير التي تقهر الفايروس مثلما استطاعت عقول العلماء من قبل أن تقضي على أمراض خطيرة مثل الطاعون والجدري والسل وغيرها! تتدفق الأخبار والأرقام يومياً،عبر الشاشات حول الوباء،وقد كشفت تقارير حديثة أن فايروس كورونا المستجد يصيب الرجال أكثر من النساء، وهذا الفارق في الإصابة بالمرض بين الجنسين لم يأت بالطبع من عنصرية كورونا ضد الرجال، ولكن تستند بعض النظريات في تفسيره، وبخاصة في الصين، إلى أن الرجال هم الفئة الأكثر تدخيناً للسجائر، وبالتالي لديهم ضعف في الرئتين، ما يجعلهم معرضين للإصابة بالفايروس المستجد، كما أن أمراض القلب والأوعية الدموية، أكثر انتشاراً بين الرجال عن النساء،وكما هو واضح ،يعود الأمر إلى عادات الحياة واختلافها بين الجنسين، في كثير من المجتمعات، وضرورة مراجعتها وتحسينها في المستقبل. وفق هذه الاحصائيات،تبدو النساء الأقل تعرضاً لخطر الفايروس،ولكنهن في الواقع قد يدفعن الثمن أكثر من الرجال، فهن الأغلبية في مهنة التمريض والخدمات الصحية،وفي العائلة تتحمل المرأة الموظفة واجبات مضاعفة، داخل المنزل وخارجه،وفي ظل الرعاية الاجتماعية والصحية المتعثرة،في بلدان عدة،كيف يبدو حال الأرملة التي فقدت عزيزها،وظلت بلا معين،وما مصير الأطفال الذين حرموا من الدراسة واللعب والدواء وحتى الغذاء،وهم محاصرون بحظر التجوال،في مجتمعات لم تكن مستعدة لمعركة طارئة ضد قاتل غير منظور!؟