رحيل شقراء السينما المصرية
متابعة الصباح الجديد :
توفيت الفنانة المصرية القديرة نادية لطفي التي اشتهرت بلقب «العندليبه الشقراء»، اول امس الثلاثاء، عن عمر ناهز 83 عاماً بعد صراع مع المرض، حسب ما أعلن نقيب الممثلين في مصر أشرف زكي الذي نعاها.
وأضاف زكي أنه لم يتم تحديد موعد الجنازة والعزاء حتى الآن، على وفق ما نقلت عنه صحف محلية.
كانت الحالة الصحية للفنانة الراحلة قد شهدت تدهوراً ملحوظاً خلال الأيام الماضية عقب إدخالها غرفة العناية المركزة بأحد مستشفيات جنوبي القاهرة للمرة الثانية خلال أسبوع واحد.
إذ شعرت بحالة إعياء شديدة إثر نزلة حادة، استدعت وضعها على جهاز التنفس الصناعي، ليقرر الأطباء المعالجون منع الزيارة عنها وحجزها بغرفة العناية المركزة، وذلك لحين استقرار حالتها الصحية.
ونادية لطفي من مواليد حي «عابدين» وسط القاهرة في الثالث من يناير/كانون الثاني 1937.
ووقفت على مسرح المدرسة في العاشرة من عمرها لتواجه الجمهور لأول مرة، وحصلت على دبلوم المدرسة الألمانية في مصر عام 1955.
مارست في بداية حياتها العملية العديد من الهوايات كان أولها الرسم، ثم انتقلت منه إلى التصوير الفوتوغرافي والكتابة.
قبل أن تعود إلى موهبتها بالتمثيل حين اكتشفها المخرج والمنتج المصري الراحل رمسيس نجيب (يونيو/حزيران 1921 – فبراير/شباط 1977) ورأى فيها بطلة فيلمه الجديد «سلطان» (1958) مع النجم المصري الراحل فريد شوقي ((1920-1998).
تركيزها على السينما جاء على حساب رصيدها في المجالات الأخرى فقدمت للمسرح عرض (بمبة كشر) وفي الدراما التلفزيونية مسلسل (ناس ولاد ناس) عام 1993.
ويشيد نقاد بمسيرة نادية لطفي الزاخرة بدرر فنية وسينمائية خالدة في وجدان المشاهد العربي وتاريخ السينما المصرية والعربية.
ومن أشهر ألقابها هي: «الصعيدية الأوروبية» لتمتعها بملامح أوروبية مع إن أصلها يعود لمحافظة قنا، كما ان أدوارها المتنوعة المميزة بالألوان التاريخية والاجتماعية والرومانسية والروائية منحتها لقب «لؤلؤة السينما المصرية» أيضاً.
ونالت نادية لطفي الكثير من الجوائز والتكريمات الرسمية والفنية من أهمها: فوزها بجائزة الدولة التقديرية في بلدها مصر في مجال الفنون.
وحصلت على عشرات الجوائز خلال شوطها وكرمتها مهرجانات مصرية وعربية منها مهرجان القاهرة السينمائي الدولي ومهرجان الإسكندرية لسينما البحر المتوسط ومهرجان المركز الكاثوليكي المصري للسينما.
وكانت «شقراء السينما المصرية» تهوى كتابة القصة القصيرة والرسم بإبداع حسب المقربين منها، وربما لو لم تكن ممثلة صف أول لأصبحت قاصة أو روائية أو فنانة تشكيلية.
من أسرار وحكايات «الصعيدية بنت محافظة سوهاج» أنها الفنانة الوحيدة التي زارت الرئيس الفلسطينى الراحل ياسر عرفات، أثناء فترة الحصار الإسرائيلي، فقد وقفت مع المقاومة الفلسطينية، وذهبت إلى لبنان عام 1982.
لم تقف حكايات نادية مع الثورة الفلسطينية عند زيارة عرفات بل سجلت جرائم الإسرائيلي شارون في صبرا وشاتيلا، ونقلتها عبر كاميرتها للعالم، وقالت الصحافة العالمية عنها:» لم يكن مع نادية لطفي كاميرا بل كان مدفع رشاش في وجه قوات الاحتلال».
وقضت نادية أسبوعين في صفوف المقاومة الفلسطينية أثناء الاجتياح الإسرائيلي لبيروت، وكان الموت يطاردها في كل لحظة، ولا تزال تحتفظ في مكتبتها الخاصة بـ 25 شريط فيديو لوقائع حقيقية عاشتها بنفسها وقت الحصار الإسرائيلي للمقاومة الفلسطينية في بيروت.
وظلت «نادية» تطوف لشهور بنفسها على العديد من عواصم العالم، لتعرض ما قام به شارون في هذا الوقت من أعمال وحشية، إلا أنها في النهاية توقفت بسبب مرضها الذي لم يسمح باستمرارها في الأمر.
لذلك، قرر الرئيس الراحل أبو عمار زيارة نادية في منزلها وأهداها كوفيته، تقديرًا منه لموقفها في دعم القضية الفلسطينية، وهو ما جعلها فخورة جدًا، كما اعتذرت عن التكريم من قبل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وكانت ترى أن زيارة الرئيس الفلسطيني تكفيها، ولا يعادلها تكريم آخر.
وتابعت لطفي عن قضية نقل السفارة الأمريكية إلى القدس والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل، وقالت في أحد اللقاءات الصحفية: «أندهش، ذلك أن هذا هو المتوقع من ترامب أو أي رئيس أمريكي، فمساندة أمريكا لإسرائيل معروفة وعلينا ألا ننتظر منها أن تكون عادلة في نظرتها للقضية الفلسطينية».
وأضافت: «الطرف الذي يجب أن يكون إيجابياً هو الطرف العربي، فالعرب لابد أن يتجاوزوا خلافاتهم، ويكون لهم موقف محدد تجاه قضية فلسطين بشكل عام، وليس القدس فقط، فأنا ضد اختصار قضية فلسطين في القدس، لأن فلسطين كلها عربية وليس القدس فقط».
زار الرئيس الفلسطيني محمود عباس نادية لطفي بمستشفى المعادي العسكري أثناء تواجده في مصر للاحتفال بافتتاح مسجد «الفتاح العليم» وكنيسة «ميلاد المسيح»، بدعوة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وقام بمنحها آنذاك وسام «نجمة فلسطين» تقديراً لإسهاماتها طوال مسيرتها الفنية في دعم القضية الفلسطينية، كما علق الرئيس الفلسطيني على صورة للنجمة الكبيرة مع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، والتي تحتفظ بها ضمن مقتنياتها في غرفتها بالمستشفى، مبدياً سعادته بها.
ومن أهم أعمالها الفنية فيلم «الناصر صلاح الدين» الذي أدت فيه دور «لويزا»، إضافة إلى أفلام «السبع بنات» 1961 و»الخطايا» (1962) و»النظارة السوداء» (1963) و»للرجال فقط» (1964) و»أبي فوق الشجرة» (1969) و»المومياء» (1969) و»الأب الشرعي» (1988).
وقدمت الفنانة الراحلة عملاً تليفزيونياً واحداً هو مسلسل «ناس ولاد ناس» (1993) وعملا مسرحياً واحداً هو «بمبة كشر»، وكان لها نشاط ملحوظ في الدفاع عن حقوق الحيوان مع بداية ثمانينيات القرن العشرين.
وفي تصريحات صحفية قبل أعوام، كشفت نادية لطفي عن لقب أطلقه عليها الفنان والمطرب المصري الراحل عبدالحليم حافظ (1929-1977) الملقب بـ»العندليب الأسمر»، حيث قال لها ذات مرة: «لُقبت أنا بالعندليب وأنا أُلقبك بـ»العندليبة الشقراء».