البرتو كورتيث
ترجمها عن الاسبانية:
حسين نهابة
حين كان الجد يوماً
في قمة شبابه
هناك في غاليثيا التي ينتمي اليها
نظر الى الأفق
وتخيل ان درباً آخر
لابد ان يكون.
حدّث ريح الشمال
صديقته القديمة
عن عجالته،
واراها يديه
الوديعتين القويتين،
كانت فارغتين
فقالت له الريح:
«عمّر حياتك
خلف البحار
خلف غاليثيا».
ورحل الجد ذات يوم
عن اسبانيا
في مركب عتيق.
وامتلأ الجد ذات يوم
مثل كثيرين آخرون
بأمل كبير.
كانت الصورة العزيزة
لقريته القديمة
بجبالها
ما تزال مطبوعة
في اعماق روحه،
حين نأى به القارب العتيق
عن اسبانيا.
صعد الجد ذات يوم
الى العربة
وكأنه يعتلي الحياة.
امسك بالمحراث
وسمّد الارض
والوقت يجري.
كان يكافح بهدوء
ليغرس الشجرة التي
كان يعشقها كثيراً.
بكى الجد ذات يوم
تحت الشجرة التي
اينعت أخيراً،
كان يبكي فرحاً
حين رأى ان يديه اللتين
عجزتا قليلاً،
لم تكونا فارغتين.
كان الجد حينئذ
يحدثني في صغري
عن اسبانيا
عن القرية القديمة
وعن جبالها.
كان يروق له كثيراً
ان يتذكر الاشياء
المطبوعة
في اعماق روحه،
لدرجة كان يحدثني
عن اسبانيا
غارقاً في صمته
ودون ان ينبس بكلمة.
حين اصبح الجد عجوزاً
اخذ بيدي
ذات يوم
وراء غاليثيا
فأدركت انه
على وشك ان يموت.
قال لي حينذاك
وبجهد ضعيف
وبقليل من العجلة:
«عاهدني، بُني
بانك ستعود يوماً
الى القرية القديمة،
وتخبر ريح الشمال
بان صديقها
سلّم حياته
الى ارض جديدة».
وبقي الجد ذات يوم
نائماً
دون ان يعود الى اسبانيا.
كان الجد ممتلأً ذات يوم
مثل كثيرين آخرون
بأمل كبير.
وأراني الزمن، جدي
كنتُ اراه في القرى
كنتُ اراه في الجبال،
في كل صباح
في كل اسطورة
وفي كل الدروب التي
مشيتها في اسبانيا
البرتو غارسيا كورتيث، مغن، كاتب وشاعر ارجنتيني. ولد 11/3/1940 وتوفي في مدريد 4/4/2019.
عاش طفولة فعّالة حيث كان يرافق والده المغني في حفلاته.
في سن 18 عام التحق في جامعة بوينس آيرس – كلية الحقوق لكنه لم يُكمل دراسته.
وفي عام 1960 هاجر الى أوروبا – بلجيكا هروباً من الخدمة العسكرية ثم استقر في مدريد حتى مماته.
كان مغنياً وسينمائياً معروفاً.
من اعماله الادبية:
- ديوان «أمتعة» 1977
- ديوان «انا كائن بشري» 1985
- ديوان «مخزن الأرواح» 1993
- ديوان «من الجوانب الاربعة» 2007