بغداد ـ الصباح الجديد:
يصدر قريبا عن دار تموز» ديموزي» كتاب» الحيوان الذي أنا عليه لجاك دريدا وهو «الكتاب، صاحب العنوان المقلق في الصميم، إذ آثرت صوغه هكذا إحالةً عليه. ومن المفارقات الكبرى أن من يقرأه كما هو» الحيوان الذي أنا عليه « يواجه به نفسه، بمقدار ما يواجه نفسه: كيف يكون الحيوان الذي هو عليه؟ أي حيوان يكون عليه، وما الذي يثيره في كتاب « حيوانه «؟ لا بد أنها متوالية هندسية تتشعب بمقدار ما يوغل القارئ في الكتاب.
حيث السؤال عن طبيعة صِلات الإنسان بالحيوان، وما أعقدها من صلات. أكثر مما أشير إليه في نصوص التاريخ. إذ إنه عبر أمهات الكتب الميثولوجية، إلى جانب النصوص الدينية، وما يدخل في عالم الأمثال، يصبح الحيوان في مرتبة تضع الإنسان نفسه فـي مواجهة ماض عريق، وفي حاضرنا بالذات، أي ما يصعد بمفهـوم الحيـوان إلى مقـام الأمثولة، أو العبـرة، ومكاشفة حقائق تمس بنية الإنسان النفسية، وهو يمارس أعمال سفْك دماء في أقرب المقربين إليه، وفي استخفافه بما ينأى بنفسه عنه وهو لا يكف عن مطاردته، وعن إبقائه بجواره.
لعلـه الكتاب الأوحد الذي يقرَأ في ميدانه، وما يحتويه من نقاشات توسّع نطـاق معرفتنا بأنفسنا، وربما في معرفة مغايـرة للحيـوان بعـد قراءتـه!