الصباح الجديد ـ متابعة:
يتوجس كثيرون من المسؤلين في المنظمات الغربية غير الحكومية المعنية بشؤون المسيحيين من تعرضهم الى اضطهاد محتمل، اذا ما ظهر متطرفون جدد من أمثال داعش، وعلى الرغم ان الأمور باتت اكثر استقرارا في المناطق الشمالية من البلاد، سيما في الموصل وسهل نينوى، الا ان التشاؤم ما يزال مسيطرا على هؤلاء المسؤلين وتلك المنظمات، ومن هنا قد يقدرون الامر حق قدره أحيانا، وقد يقعون في المبالغة سواء عن قصد ام من دون عمد.
ومؤخرا قال ماثيو ريس كبير مسؤولي السياسات في منظمة “الابواب المفتوحة” البريطانية، أن المسيحيين يتعرضون لاضطهاد عنيف في بلدان الشرق مثل العراق وسوريا من قبل المتطرفين امثال داعش.
وبما أن المسيحيين في هذا الجزء من العالم غالباً ما يكونون أقلية، فإنهم غالباً ما يستهدفون من قبل الجماعات الإرهابية والمتطرفة، حيث ينظر إلى المسيحية على أنها دين غربي، على الرغم من أنها نشأت في الجانب الشرقي من العالم.
في مقابلة مع Express.co.uk، شرح د. ماثيو ريس الصعوبات والاضطهاد الذي يواجهه المسيحيون بسبب عقيدتهم، وأكد أن اضطهاد المسيحيين في بعض الدول الشرقية يزداد سوءًا ولسوء الحظ فان هذا الاضطهاد سوف يحصل في أي وقت وقريبا.
قال د. ريس: “إن المسيحيين ليسوا بالضرورة متشابهين في جميع أنحاء العالم، فهم ليسوا تماماً مثل المسيحيين في المملكة المتحدة”.
“إنهم ليسوا أغنياء وهم اقل حظا وليسوا من خلفيات حيث يحصلون على نفس نمط حياة المسيحيين في هذا البلد (المملكة المتحدة). “لسوء الحظ، في جميع أنحاء العالم المسيحيون معرضون للاضطهاد، وغالباً ما يكونون جزءًا من المجتمعات التي لا تستطيع الدفاع عن نفسها، خاصةً عندما يكونون مجتمعًا للأقليات”.
“المسيحية أصلها من الشرق الأوسط”.
“لكن إذا ذهبت اليوم إلى العراق أو سوريا فسوف ترى أن هذه الأقليات المسيحية معرضة للخطر بشكل كبير”.
“وإذا ظهرت مجموعة أخرى مثل داعش، والتي هي جماعة متطرفة، في المرة المقبلة يمكننا أن نتحدث عن انقراض للمسيحية لأن الناس هناك في غاية الضعف والهوان”.
“للأسف فان اعداد المسيحيين تنخفض في بعض من هذه الأماكن التي بدأت فيها المسيحية بسبب الاضطهاد الممنهج الطويل الأمد، وليس فقط بسبب داعش”.
“لقد بقي المسيحيون منذ فترة طويلة تحت الضغط وقد تم تهميشهم ومن ثم فإنه من المهم حقاً أن تفتح حكومتنا (البريطانية) والمجتمع بشكل عام اعينهم على حقيقة أن هؤلاء الناس معرضون للخطر بشكل كبير”.
والغريب ان منظمة Open Doors الخيرية، أصدرت في وقت سابق قائمة سنوية للبلدان التي ينتشر فيها اضطهاد المسيحيين.
ووفقًا للمؤسسة الخيرية، كانت الدول الخمس الاولى في اضطهاد المسيحيين، كوريا الشمالية وأفغانستان والصومال وليبيا وباكستان، ولم يرد اسم العراق.
وكان قدم رئيس مجلس الطائفة المسيحية العراقية في الاردن غازي رحو صورة مؤلمة عما يعاني منه المسيحيون بعد احتلال الموصل، وقال في حديث لـ”إيلاف” إن المسيحيين “سيعودون للموصل، ولكنهم سيعودون لبيع أملاكهم وعدم البقاء!” قبل أن يستدرك فيقول: “يحدث عكس ذلك إذا استطاعت الدولة أن تحمي المكونات قليلة العدد في محافظة نينوى”.
ولفت الى ان عدد المسيحيين في العراق كان قبل الاحتلال (2003) بفترة قريبة بحدود مليون و420 الف مسيحي ، اليوم في العراق لا يتجاوز عدد المسيحيين في العراق أكثر من 450 الف مسيحي فقط، أي انه وبجملة إحصائية فان نحو مليون مسيحي عراقي غادروا من المحافظات التي كانوا يسكنون فيها، قسم منهم يتواجد في إقليم كردستان وقسم منهم في بغداد وقسم قليل في كركوك، لكن القسم الأكبر غادر الى الأردن ولبنان وتركيا، المسيحي لا يترك وطنه، بل يترك مكانه بحثا عن الأمان ولهذا فإنه وبعد احتلال داعش للموصل لجأ بمكرمة ملكية من العاهل الأردني إلى الأردن 8226 مسيحيا عراقيا وكانوا متواجدين في نحو 14 قاعة من قاعات الكنائس وهنا ألفت الى رعاية المملكة الأردنية لهم وجمعية الكريتاس الأردنية وأيضا دور قداسة البابا في رعايتهم، حيث انتقلوا الى شقق مدفوعة الايجار من قداسة البابا، نزيف النزوح مستمر ، برغم ان هؤلاء اعيد توطينهم في بلد ثالث، حيث يتواجد الان في الأردن نحو 14620 انسانا مسيحيا عراقيا هم اجمالي من نزحوا قبل احداث الموصل وما بعدها”.
وحول عدد ضحايا المسيحيين من اعمال العنف في العراق منذ عام 2003 وحتى اليوم ، قال انها “بحدود 1456 شهيدا مسيحيا عراقيا، وهذه على وفق إحصاءات رسمية معززة بالاسماء وبالوظائف، بينهم رجال دين وبينهم أطباء ومهندسون وأكاديميون ومدرسون وقسم آخر سقطوا من جراء التفجيرات الإرهابية”.
تجدر الإشارة الى ان كل الأرقام التي وردت في التصريحين تحتاج الى تدقيق وتمحيص، سيما وان تصريح غازي رحو تضمن ان المليون مسيحي الذين غادروا محافظاتهم، لجأوا الى مناطق عراقية تمثلت في كردستان وبغداد وكركوك، ومن هنا يحتاج هذا الامر الى دراسة مستفيضة من المعنيين وبالاحصاءات الدقيقة.