يبدو ان للازمات فوائدها ، ولم ينس العرب ذلك ، فقالوا ربّ ضارة نافعة ، وبرغم اننا لانأمل بمنفعة من وراء ضرركبير الا ان الواقع غير الامنيات .
ازمة الانبار كشفت لنا من بين اوساط المثقفين والادباء والصحفيين ، للاسف زملاء ، استطاعوا الى ماقبل الازمة ان يخدعونا بوجوه ليبرالية وديمقراطية وخطابات تنويرية حتى لكنت تعتقد ان احدهم مارتن لوثر العراق ..
والغريب في الامر ان احداث 2005- 2007 لم تكشف لنا عن تلك الوجوه أو اننا ما زلنا في حرارة اجواء التغيير وما استطعنا ان نحدق في تلك الوجوه جيدا ولم نستطع ان نتقصى المفردات التي تتسرب اليوم من بين خطاباتهم متلفعة بعباءة الليبرالية نفسها، لكنها تسرّب من بين اصابعها النحيلة خطاباً طائفياً تقدمه لنا على طبق من عسل ، وهو مايشبه الى حد التطابق دس السم في العسل!!
الخطاب الطائفي الواضح امامك لاتحتاج الى كشف وتحليل له فهو يقول لك انا طائفي وتعامل معي على هذا الاساس ، فيما تكمن الخطورة في الخطابات التي نتحدث عنها والتي لديها القدرة على الاتساق مع اغراءات الخطاب الليبرالي الديمقراطي بل ومع الكثير من متطلبات تطبيقاته الحياتية اليومية على مستوى العمل المهني او الخطاب الادبي أو حتى تفاصيل الحياة اليومية الاعتيادية !!
المحزن ان ترى مثل هذه النخب التي كانت محط آمال الجيل الجديد من المثقفين وهي تتساقط مثل اوراق الخريف ، برغم انها مازالت ، ظاهرياً ، متمسكة بخطابها الليبرالي والديمقراطي المتخفي والمتستر عادة خلف مفردة “ولكن” التي تعيد صياغة الافكار من دون ان تلغيها !!
لعلعت اصواتهم في الفضائيات وخطت اقلامهم افكاراً لاتقل ضرراً عن الخطاب الطائقي واحتمت هذه الشلّة المنافقة ، خلف تيارين أحدهما أكثر سوء من الآخر، وتساوقت مع خطابات طائفية ، لم تستطع في هذه الازمة ان تتخلص من جوانياتها الحقيقية فانساقت وتساوقت وكشفت حقيقة عن عوراتها التي استطاعت لفترات ظويلة ان تختفي خلفها بذكاء واريحية وبوجوه تقطّر ليبرالية وديمقراطية!!
انها وجوه ليست سيئة لكنها خطيرة في قدرتها على تمرير الافكار الى جيل ما زال يلعب في ساحة مختطلة الاوجه والافكار ويحتاج الى من يثق بهم حقيقة ويرسم لهم دروب احلام العراق الحقيقي ، الديمقراطي الليبرالي المتعدد بلا وجوه زائفة فيصطدم بهم فيما بعد لينكفيء وربما يرتمي في احضان الخطاب الطائفي الاكثر مصداقية من هؤلاء !!
والاكثر ايلاماً ان مؤسسات اعلامية تروج لهم وتتبنى افكارهم بوصفها المنقذ للبلاد من قاذورات الفكر الطائفي .. تمعنوا جيداً ودققوا في السم الذي يداف مع العسل ويقدم للناس على انه الأمل والمرتجى، وعلى ان تلك الوجوه هي امل البلاد من خرابها..
تمعنوا واكتشفوا ايهما اخطر .. الطائفي الصريح الواضح أم هذه الجوقة الاعمق طائفية ؟!!
عامر القيسي