حجاج سلامة
لا يغيب الشعر عن مدينة الأقصر في العصور والأزمنة، فالمدينة التي كانت عاصمة لمصر القديمة والعالم، لاتزال معالمها من معابد ومقابر شيدها حكام العالم القديم من ملوك مصر وملكات مصر القديمة، تحكي الكثير من تفاصيل قول قصائد الشعر والغزل، التي كان يصدح بها الشعراء والعشاق، وسط معابد المدينة وحقولها، وعلى جوانب نهر النيل الخالد، الذى يشطر المدينة إلى قسمين، كان أحدهما قديما يُعرف بمدينة الأموات، حيث جبانة طيبة القديمة، ومقابرها ومعابدها الجنائزية، في البر الغربي من المدينة، التي جعلت من برها الشرقي مدينة للأحياء، ومركزا للأعياد والمهرجات وقول الشعر.
وما بين ذلك الماضي الذى يحمل صوراً مضى عليها آلاف السنين، لقول الشعر في مدينة الأقصر، وذلك الحاضر الذى تعيشه المدينة اليوم، عبر سعي مؤسساتها الثقافية لاستعادة دورها التنويري والحضاري، وما كانت عليه المدينة من معرفة بأسرار الكتابة والفنون بكل أنواعها، من شعر وقصة ونحت ورسم وعمارة وهندسة.. كانت الأقصر ، كما يقول الشاعر حسين القباحي، مدير بيت الشعر المطل علي طريق الكباش الفرعوني القديم في المدينة، تتواصل لقاءات الشعر والشعراء كل اسبوع في أمسيات شعرية، تستضيف في مناسبة احتفالات العالم بيوم الشعر، 20 شاعر ممن حازوا جوائز الإبداع في إمارة الشارقة خلال دوراتها الماضية، حيث اختتموا لقاءات جمعتهم في قول الشعر، ومناقشة جديده وقضاياه، وذلك من فعاليات تتواصل طوال العام برعاية عضو المجلس الأعلى للدولة، وحاكم الشارقة، سمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد بن القاسمي، فعاليات بيت الشعر في الأقصر منذ افتتاحه قبل ست سنوات مضت.
ولفت ” القباحي ” إلي أن الأقصر لا تزال تستحضر تلك الصور التي سجلتها لنا نصوص المعابد والمقابر القديمة في الأقصر، من معرفة المدينة لفنون الأدب، وقول نصوص أدبية كانت تفيض بهجة ورقة وجمالا قبل آلاف السنين.
وقال محمد عبدالحميد، مسؤول البحوث بالجمعية المصرية للتنمية السياحية والأثرية، في مناسبة حلول يوم الشعر العالمي: إن أوراق البردي، وقطع الأوستراكا، وجدران المعابد والمقابر، تحوي سجلا حافلا من النصوص الشعرية والأدبية التي ظهرت مبكرا في الأقصر، وفي غيرها من مدن مصر التاريخية، وتركوا لنا نصوصا فيها الكثير من الرقة، والمشاعر المتدفقة، من خلال محاولات رائعة للتعبير تارة بالكتابة المصورة، وتارة بالكتابة الشعبية التي عُرفت بالديموطيقية، وغير ذلك من الكتابات التي عرفتها مصر القديمة.
فيما قال ناصر الفولي، الباحث المصري المتخصص في توثيق سير الشعراء القدامى، إن مدينة الأقصر، وما جاورها من قري تابعة لها، عرفت تواصل مسيرة الشعر والشعراء، عبر مختلف العصور، منذ زمن الفراعنة وحتي اليوم، وأن ما قام بالمشاركة بتسجيله في موسوعة مؤسسة البابطين للشعراء العرب، بلغ توثيقا لسير وقصائد قرابة عشرة شعراء كانوا من كبار شعراء مصر والعروبة في زمنهم، وبلغوا قيمة شعرية عظيمة وصلت إلي مقارنات بعضهم بقامات شعرية كبرى مثل أمير الشعراء أحمد شوقي، رحمه الله.
واشار ” الفولي ” إلي تلك القائمة من شعراء الأقصر الرواد في موسوعة البابطين للشعراء العرب ضمت من بين هؤلاء الشعراء : أحمد الطاهر الحامدي، ومحمد موسي الأقصري، والكامل الطاهر الحامدي، ومحمد الشرقاوي، وأحمد الكامل، ومحمد الطاهر الصغير، بجانب الشاعرة أوليفيا عويضة عبد الشهيد.
وقال الشاعر والمترجم المصري، الحسين خضيري – مترجم كتاب ” الأقصر في الشعر والفن العالميين ” والصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب – أنه منذ فجر التاريخ، وخيال الإنسان خصب في مدينة الأقصر، طيبة القديمة، ارض النور والشمس والمعرفة البكر، وارض الشعر الذى كان حاضرا في معارك التحرير التي قادها حكام طيبة ضد الغزاة قبل آلاف السنين، مثل الملوك كامس وأحمس وسقنن رع.. حيث كان للشعر والشعراء دورهم في المعركة عبر إطلاقهم الأناشيد الحماسية.
واشار ” خضيري ” إلي أن جداريات طيبة القديمة، وبردياتها، واناشيد اخناتون، وأشعار تحتمس الثالث، ما تزال تنطق إلي الآن بعظمة هذه الأرض التي لا تزال تنجب شعراء كبار يثرون العالم بنصوص شعرية مدهشة، تطوف القارات مثل اشعار الدكتور عارف كرخي أبو خضيري، الذى ترجمت أعماله إلي 18 لغة بينها : الإنجليزية، الفرنسية، والاسبانية، والمقدونية، واليونانية، والأوردية، والملايوية، والصينية، والأندونيسية، والبرتغالية، واليابانية.
ولفت الشاعر والمترجم، الحسين خضيري، إلي أنه كما كانت الأقصر مركزا مهما من مراكز الشعر والشعراء علي مر التاريخ، فإنها لم تغب ايضا عن عيون واخيلة الشعراء، إطلاقا من هوميروس الذى وصفها في الياذته الشهيرة، ليمتد بعده عقد الشعراء العالميين الذين استلهمت قرائحهم عبق التاريخ في الأقصر، فكتبوا عنها أجمل القصائد.. وذلك انطلاقا من شيلي رفيق كيتس واللورد بيرون، وأحد اشهر الرومانسيين الإنجليز، والشاعرة الإنجليزية التي عشقت مصر، تيريزا هولي، والأمريكي، هنري آبي، الذى النيل والنخيل في الأقصر، ومعابد قديمة القديمة، والشاعر الإنجليزي، بريان وولر بريكتر، وأيضا الشاعر الإنجليزي، نيكولاس ميشيل، عاشق الممالك القديمة، وشعراء العصر الفيكتوري، مثل جوزيف ايليس، صاحب جماعة برايتون الأدبية، والكندي مايكل وليم، والايرلندي، باري . إن. ويليامس، والشاعر المسرحي الأمريكي، كيل يانج رايس، والشاعر والكاهن والمعلم المؤرخ الأمريكي، آرثر ونتورث هاميلتون ايتون، وغيرهم من شعراء العالم علي مر العصور.