شيرين أبو عاقلة.. ماذا يمكن للكلمة أن تقول في وجه الرصاصة؟
الصباح الجديد ـ متابعة:
أدان كتّاب ومثقفون عرب جريمة اغتيال الإعلامية المقدسية شيرين أبو عاقلة (1971 – 2022)، الأربعاء الماضي على يد قوات الاحتلال الصهيوني، أثناء تغطيتها لاقتحام مدينة جنين في الضفّة الغربية.
وأثارت جريمة قتل شيرين استنكاراً واسعاً في الأوساط الثقافية العربية؛ إذ أدان عددٌ كبيرٌ من الكتّاب والباحثين والأكاديميّين الجريمةَ عبر حساباتهم على مواقع التواصُل الاجتماعي، منتقدِين، ما أسموه نفاق الغرب – وإعلامِه – وتعامُله بمكيالين مع قضايا العالَم، حيث يُسمّي الجاني بشكل واضح في مكان (مثل أوكرانيا)، ويتغافل عن إدانته وتسميته في أماكن أُخرى (ولا سيّما فلسطين)، بينما تحدَّث آخرون عن الخصال الإنسانية والمهنية التي تمتّعت بها الصحافيةُ الشهيدة:
ومن الذين توجّهوا إلى هذا الغرب بكلماتهم، المفكّر والأكاديمي التونسي محمد أبو هاشم محجوب، الذي كتب على «فيسبوك»: «على الغرب أن يفهم أنَّ القتل الوحشي للصحافية المراسلة، شيرين أبو عاقلة، تحت رصاص قوّات الاحتلال، هو انهيار وتهاوٍ آخر لفكرة الغرب في روح هذه الإنسانية المدوسة. وهو يقينٌ متزايد من عدم انتمائنا إلى نفس العالَم. إنّ التي قتلوها اليوم هي المالكة الأصلية الحقيقية للأرض التي جاؤوا يلاحقونها فيها. هكذا، فإنَّ لفظة ‹الغرب›، بما له من الهمجية واللامبالاة، ومن العدالة ذات العشرين مكيالاً، تلتحق اليوم، بل تتماهى تماهياً، بمدلوله كانحدار وسقوط».
كما انتقد عددٌ مِن المثقّفين العرب تهرُّب مؤسّسات دولية، ودبلوماسية، ووسائل إعلامية، من تسمية قاتل أبو عاقلة، كما فعلت الكاتبة والمترجمة الجزائرية التونسية المقيمة في فرنسا، سعاد لعبيز، والتي نشرت صورةً تُصحّح عنوان خبر نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية أمس الأول السبت، وجاء فيه أنّ «صحافية فلسطينية بارزة توفّيت عن 51 عاماً»؛ حيث تشطب الصورةُ عبارة «توفيت عن 51 عاماً» وتضع تحتها بالخطّ الأحمر: «اغتيلت من قِبَل قنّاص إسرائيلي بينما كانت ترتدي سترة صحافية وتغطّي عنف الجيش الإسرائيلي».
الشاعر السوري حازم العظمة لم يخف إعجابه منذ زمن بعمل الصحافية الفلسطينية شيرين ، إذ يقول: «منذ دهر وأنا ألمحها هناك – دائماً في خطوط التماس الأخطر – كلّ هذه السنين وأنا أمتدح في كلّ مرّة تماسكها، شجاعتها، وقفتها، أمتدح دقّتها، دقّة الصحافي التي لا تُخفي كثيراً انحيازها الجارف، أو لنقلْ إنها كانت تفشل في أن تغطّي انحيازها بدقّة الصحافي، بالنبرة الحيادية التي تُطلبُ منه… ومع ذلك بقيتْ دائماً تلك الدِقّة التي ترى أبعد من الحدث الآني، الدقّة التي تذهب في خفاياه، التي تجعلها ترى – وراء نبرة الصحافي – الغيلان كلّهم يجتمعون ليغتصبوا الحقيقة والأرض معاً».
أما الروائي المصري خالد إسماعيل فيقول : «اغتيال شيرين أبو عاقلة هو فصل النهاية فى مرحلة السلام الوهمي، الصهاينة الذين استطاعوا عقد صفقات سلام مع طبقات عميلة حاكمة، واستطاعوا اختراق كل الدول العربية، وشراء نخب داعمة لهم لن يستطيعوا تبرير جريمة قتل شيرين التي كانت تنقل جرائم الصهاينة بدقة.
وتقول الباحثة الفلسطينية إسلام كمال :» شيرين قُتلت فجأة وفقدناها فجأة، بقرار من جندي صهيوني قرّر أن ينهي حياتها، شيرين التي نحملها في ذاكرتنا الجمعية في كل بيت فلسطيني، في ذكريات طفولتنا وشبابنا، مع كل خبر عن فلسطين، في كل مدينة وكل حدث، كانت شيرين أبو عاقلة هي التي تحملنا إلينا وتحملنا إلى العالم».
من جانبه، عبّر التشكيلي والشاعر اللبناني السوري سمعان خوّام، عن إحساسه بالعجز إثر اغتيال أبو عاقلة، الذي يذكّره بسلسلة من الاغتيالات والأحداث المشابهة: «نحسّ بالعجز والفشل في كلّ مرة نسمع بها بخبر مماثل. كلّنا مشاريع شهداء، نحن الذين نعيش في هذه البلاد، شئنا ذلك أم أبينا».
ويقول الروائي السوري خليل النعيمي إن «اغتيال شيرين أبو عاقلة يعني إصرار الاستعمار الاستيطاني الصهيوني الغاشم على احتقار الإرادة العربية وليس الفلسطينية فحسب، وفرض رؤيته الأحادية على الفضاء العربي بالقوة والعسف. ومع الأسف الشديد، فإن أنظمة التطبيع العربية، التي هي في الواقع امتداد لمخالب الصهيونية في المنطقة العربية، تساعده اليوم في فرض سيطرته».
أما المترجمة والقاصة المصرية أميرة بدوي، فتقول «استشهاد شيرين أبو عاقلة، جريمة ليست جديدة أو مستغربة على النظام الذي يدهس الصحافيين تحت جنازير الجرافات، الذي لا يرهب حرمة الموت، أو الأرض. اغتيال شيرين أبو عاقلة اغتيال لنا جميعًا، نحن العرب، الذين لم تعد تحمينا الجدران أو الأشجار من الموت. إلى رحمة الله ورضوانه يا شيرين أبو عاقلة، يا صوت الحقيقة».