شكوى الشعراء من الاصدقاء

  • 1 –
    الشكاوى من بعض الأصدقاء قديمة جديدة ،غير اننا اصبحنا اليوم أمام مصطلح جديد هو ( الاخوة – الاعداء ) ..!!
  • 2 –
    والشعراء لا يكتمون ما تجيش به صدورهم من مشاعر ازاء ما يرون من اصدقائهم، وسنحرص في هذه المقالة الوجيزة على ذكر شيء مما قالوا :
    قال أحدهم ( محمد بن سليمان المتوفى سنة 620 هـ ) :
    تقولُ حليلتي لما رَاَتْنِي
    وقد أزمعتُ عن وطني غُدُوَّا
    أَقِمْ واطلب مرامَكَ مِنْ صديقٍ
    فقلتُ لها يصيرُ اذنْ غدُوّا
    راجع : الوافي 3 /125
    يشق على الزوجة ان يفارقها زوجها ويغادر الوطن بحثا عن عمل يناسبه .
    ولقد أشارت زوجة الشاعر عليه أنْ يقصد واحداً من اصدقائه ويطلب منه ان يمد له يد المساعدة، ويغنيه بذلك عن تجشم عناء الأسفار ومغادرة الديار .
    وقد جاء الجواب رهيباً غريبا
    قال لها :
    انه اذا طلب من (صديق) أنْ يقف الى جانبه مُساعدا ومُعينا فانّ هذا ( الصديق) سينقلب ( عدوا) في اشارة واضحة الى ما تنطوي عليه نفوس بعض الأصدقاء من انانية وشحّ
    ومن هنا قيل :
    يُعرّفُكَ الاخوانُ كلٌّ بنفسِهِ
    وخيرٌ أخٍ مَنْ عرفتَّكَ الشدائدُ
  • 3 –
    وقال كاتب السطور :
    تنّكر صاحبي فيئستُ منهُ
    وإنَّ اليأسَ إحدى الراحتيْنِ
    وكانت لي عليه يدٌ جفاها
    ألا شتانَ ما بيْنَ اليديْنِ
    واذا كانت العادة ان تحفظ اليد فانّ صاحبنا لم يحفظ اليد ، وكان منه ما كان … والله المستعان .
  • 4 –
    ويحذّر البوصري من وجوه وضيئة تبدو وكأنها الأقمار ، ولكنها ليست عند الاختبار الاّ النار ..!!
    يقول :
    احذر محاسنَ أوجِهٍ فقدتْ محاسنَ
    أنفسٍ ولوآنها أقمارُ
    سُرُجٌ تلوحُ اذا نظرتَ فانّها
    نورٌ يضيء وإنْ مسَستَ فَنارُ
    راجع الوافي / ج3 /100
  • 5 –
    ويشكو ( ابن دانيال) سوء حاله، مُعللّا ذلك بأدبار الحظ عنه وهو يشكو ضمناً مِنْ إعراض الأصدقاء واهمالهم لما رأوه من سوء احواله فيقول :
    ما عاينَت عيناي في عطلتي
    أَدبرَ مِنْ حَظِي ولا بختي
    قد بعتُ عبدي وحماري وقد
    أصبحتُ لا فوقي ولا تَحِتْي !!
    ومسألة ( الحظ ) التي أشار اليها الشاعر، ما هي الاّ تبرير للفشل ليس الاّ، وانها لأوهام تراود أذهان الكثيرين في كل عصر ومصر..!!
  • 6 –
    انّ التوجه الى ربّ السماء يُغني عن كل ما يتوقعه المرء من الأصدقاء…
    فلماذا التوجه بالحاجة الى مخلوق مثلك بعيداً عن طلبها من الخالق الكريم ؟
    وما أجمل ما قاله فتح الدين بن سيد الناس في هذا الباب :
    قال :
    صرفتُ الناس عن ( بالي )
    فَحَبْلُ ودادهم ( بالي )
    وحَبْلُ الله معتصمي
    بِهِ علقت آمالي
    فمن يسلو الورى طُرّاً
    فاني ذلك السالي
    فلا وجهي لِذي جِدَةٍ
    ولا ميلي لِذي مالِ
  • 7 –
    ويهجو المنازي أحد أصدقائه بهجاء لاذع بعد ان أظهر صاحبه الغدر
    قال :
    وصاحبٍ خِلْتهُ خليلاً
    وما جرى غدْرُهُ ببالي
    لم يُحْصِ الاّ القبيح مني
    كأنه كاتبُ الشمالِ
    يشير الى قوله تعالى :
    ( وانّ عليكم لحافظين . كراماً كاتبين )
    الانفطار /10 -11
    فهناك كاتبان موكلان باحصاء كل ما يصدر منا من قول أو فعل:
    كاتب اليمين يحصي الحسنات
    وكاتب الشمال يحصي السيئات
    اللهم املأ صفحاتنا بالجميل من الأقوال والأفعال ، واجعلنا من الأوفياء لاصدقائنا بعيداً عن القيل والقال ..!!
  • حسين الصدر

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة