الضمان الصحي

لم تعد الأخبار المتفائلة تثير الاهتمام وسط أجواء تشاؤمية سائدة،لكن هناك ومضات في نهاية الطريق الذي نسير في ظلماته منذ عقود عجاف،ومن بين ما سرني من الأخبار خلال الأسبوع الحالي طرح قانون الضمان الصحي في مجلس النواب ومناقشته ثم إرساله إلى مجلس الوزراء ووزارة الصحة لبيان الرأي وإجراء التعديلات المطلوبة،ولا أظن أن من مصلحة أية جهة سياسية أن تعترض أو تعطل هذا القانون الذي يتعلق بحياة الناس وصحتهم،فلا يفترض أن يكون هناك خلاف أو تأخير لهذا القانون، كما هي الحال في القوانين الجدلية ذات الصبغة السياسية مثل قانون الانتخابات وغيره من الملفات المرقونة فوق الرفوف!
قانون الضمان الصحي الذي كان مؤجلاً، فرضت أهميته الاستثنائية ظروف وباء كورونا وتردي الخدمات الصحية وتزايد تكاليفها، وهو يقوم على انشاء صندوق للضمان الصحي تودع فيه مبالغ الاشتراكات البسيطة المستقطعة من رواتب الموظفين والعمال ومنتسبي القطاع الخاص والمواطنين المشمولين بالرعاية الاجتماعية،ومن ثم يقوم الصندوق بدفع نسبة عالية من تكاليف الخدمات الصحية في المستشفيات الحكومية والأهلية والعيادات الطبية والمختبرات والصيدليات.
إقرار هذا القانون سيمنح الحق لكل مواطن، بالاشتراك في الضمان الصحي والحصول على خدمات طبية متكاملة وعلاجات حقيقية فعّالة مثلما يجري في دول العالم المتقدمة، لكن تطبيق القانون بطريقة صحيحة يقتضي توفر شروط من أهمها، تحسين الخدمات الصحية في القطاعين الحكومي والأهلي، وتشديد الرقابة الدقيقة على الخدمات والأسعار من قبل الإدارة والمواطن ووسائل الإعلام،لكي لا يكون التأمين الصحي باباً جديداً من أبواب الفساد والغش والجشع.
القطاع الصحي في العراق ظل يعاني من الانهيار منذ التسعينيات حتى اليوم،فهناك نقص كبير في المستشفيات والكوادر الطبية والأدوية،وهناك مجمعات عشوائية للمستشفيات والعيادات الأهلية،لا تتوفر فيها أبسط الأجهزة والمستلزمات الضرورية، وقد انعكس ذلك التقصير الواضح في فقدان الثقة بين الطبيب والمريض، وسط تذمر المواطنين من ظواهر سلبية متفاقمة شوهت سمعة المهنة الطبية الشريفة،وارتفاع شكاوى الكوادر الطبية من الاعتداءات والتجاوزات والتهديدات التي يرتكبها بعض الطائشين دون قانون رادع، وقلة التوعية حول حسن السلوك الطبي ومراعاة القواعد الصحية الوقائية في المجتمع.
عندما يشعر المواطن أن صحته ثمينة وكرامته مصانة في مؤسسات صحية راقية سوف تزدهر الحياة وترتقي مهنة الطب،وعليه نأمل أن يسهم قانون الضمان الصحي في تحسين الواقع الطبي المتردي وتوفير خدمات طبية متطورة.
قانون الضمان الصحي وتضحيات الجيش الأبيض في التصدي للوباء يؤكدان أن هناك بصيص أمل في مستقبل أفضل رغم الظروف الصعبة التي نواجهها اليوم، فلا يأس مع الحياة!

د. محمد فلحي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة