لن ينمو المسرح ويتطور في بلدان ضعيفة تنبذ الحب والحرية والجمال

أسماء مصطفى:

حاورها: سمير خليل

لسطوة الذكورية على مجتمعاتنا، بقي حضور حواء مسرحيا يتحرك بخجل وسط الاعراف والتقاليد وواقع المرأة العربية بشكل عام، لكن التماعات نسوية ابداعية اضاءت وتضيء مسارحنا بفيض الشجاعة والثقة، لذلك توزعت هذه المواهب على خارطة المسرح العربي تاركة انطباعات واعجاب، الاردنية اسماء مصطفى تلبست المسرح موهبة وشغفا وملئت فضاءات المسرح بطاقاتها وحيوتها وابهرت النظارة بإمكانياتها المسرحية، وفي اول تجربة تمثيلية في مسرحية (كأنك يا ابوزيد) اطلق عليها الفنان الراحل محمد القباني لقب فراشة المسرح الاردني وتواصل عطائها وسط اعجاب الجمهور والنقاد محليا وعربيا لتنال القاب اخرى كجنية المسرح وساحرة المسرح، اسماء مصطفى كانت ضيفة على ثقافية الصباح الجديد في هذا الحوار عن تجربتها وواقع المسرح العربي بشكل عام. تحدثت اولا عن حال المسرح العربي اليوم فقالت: المسرح العربي اليوم للأسف يمر بأصعب حالاته حاله حال كافة الفنون ، لأن المسرح اليوم ليس كما كان قبل سنة أو سنوات، وهذا بسبب أن المسرح يشكل مرآة المجتمع وانعكاسه. فكلما كانت الحياة والعالم والمجتمع والأنسان (الإنسانية) يسوده الأمن والسلام والامان والحب والخير والازدهار سيكون المسرح بخير. العالم العربي يعيش اليوم في أسوأ حالاته لذا المسرح بالتأكيد سيتأثر سلبا وإيجابا «.

  • كيف يتطور المسرح؟
    ـ لن يتطور المسرح بدون البحث والعلم والتجريب والمختبرات وورشات التعليم، لن يتطور المسرح بدون الانفتاح والاطلاع على تجارب الغير وبالأخص التجارب الأوروبية. المسرح تلاقي وتقبل الآخر، تثاقف وتبادل الأفكار والتجارب، التقاء من أجل الارتقاء لكي نصل الى مسرح كوني. لن يتطور المسرح بدون رحم ومناخ وحاضنة للحرية الفكرية، فالمسرح لن ينمو ويترعرع ويتطور في بلدان ضعيفة تنبذ الحب والحرية والجمال والحياة وترفض وتقصي وتخاف من الآخر مرة باسم الدين ومرة باسم السياسة ومرة باسم الجنس ، وجانب أخر سبب في رجوع وتدهور الحالة المسرحية عدا عن كل ما ذكرت هو نحن الفنانين أنفسنا عندما نتراجع ونترك المشهد المسرحي ونبتعد عنه لأسباب وظروف خاصة».

اشكالية المرأة والمجتمع، كيف تتناول اسماء مصطفى قضايا المرأة مسرحيا؟ اعمالك في هذا الاتجاه؟
ـ «إشكالية المرأة والمجتمع ووضع المرأة في المسرح في ظل ثقافة السلطة المجتمعية من ناحية وفي ظل ثقافة السلطة الأبوية الذكورية المهيمنة أحيانا ، منذ عشرينيات القرن الماضي وحتى هذه اللحظة ، مازالت النظرة للمرأة نظرة مليئة بالشك وتحكمها قيود ورواسب لها علاقة بموروث وتاريخ وعادات وقيم وتقاليد مجتمعية. وإذا اعتبرنا أن المرأة هي نصف المجتمع اذا لم تكن المجتمع كله فلا يمكن فصل المرأة إنسانيا وإبداعيا عن قضايا المجتمع، أنا شخصيا لا احبذ تسميات وتصنيفات مسرح نسوي، أدب نسوي. هناك حالة إبداعية خالصة بشكل عام سواء من طرف المرأة او الرجل « وتتابع: « سأتطرق الى نماذج من اعمالي كممثلة احيانا ومخرجة وممثلة وكاتبة في بعض اعمالي : مسرحية (شهقة الطين) عام 2002 ، مسرحية (السياب يعيش مرتين) عام 2006 ، مسرحية (صباح ومسا ) عام 2009 ، ومسرحية (سليمى) عام 2010 وهي اول تجربة لي أخوض فيها التمثيل وكتابة النص والإخراج ، مسرحية (قصص) عام 2010 ، مسرحية (عصابة دليلة والزيبق) عام 2014 ، ومسرحية (فوزيه) وهي أول عمل لي مونودراما كممثلة عام 2013 وهو عمل مشترك مع فلسطين، في عام 2015 تناولت مشروعا مهما في الاردن لمدة سنتين عن تمكين المرأة من خلال عمل مسرحي (حقي وحقك وين) «.

*لديك تجارب اخراجية، الا تعتقدين ان الاخراج يشتت المرأة الممثلة؟ كيف تغلبت على هذه المشكلة ؟
ـ «اسمح لي ان اضحك من حشاشة روحي ليس انتقاصا من السؤال انما فكرة اعجبتني، أن الاخراج لربما يشتت المرأة الممثلة فهل يا ترى يشتت الرجل الممثل ؟؟ لماذا يشتتها ، انا لا اتشتت لأنني قبل أي عملية اخراجية أتخيل العمل وابنيه صورا وهذه الصور تتحول الى شخوص بدءا من الفكرة، وبعدها اقوم برسم الشخصيات علي الورق. فأنا اقوم بعملية فك وتركيب، بناء وهدم ، اعتمد الكولاج في العمل من خلال مختبر وبحث تجريبي، فالنص لدي يكتب على خشبة المسرح وبعد ان يكتمل وينضج العمل اقوم بتصويره».
*دائما ما ترددين ان مسرحية ادرينالين من اهم اعمالك، هل هي اهم تجاربك؟
ـ « فعلا، مسرحية ادرينالين هي المحطة الاهم في مشروعي ليس انتقاصا او ان الاعمال السابقة ليست مهمة بل بالعكس، لم تكن (ادرينالين) التي قدمتها عام 2018 بهذا الشكل لولا انني طوال الوقت كنت اعمل على مشروع الممثلة المخرجة التي تؤسس لمنهج في التمثيل والاخراج وكتابة نص ينتمي الى روحي الخاصة، عملت طوال الوقت على تغذية وتطوير ادواتي في العمل المسرحي من خلال تهيئة جسدي وتحضيره والاهتمام به ليكون جسدا حاضرا، جسدا مثقفا يتكلم على المسرح جنبا الى جنب بموازاة الكلمة المنطوقة. بياني المسرحي الذي عملت عليه طوال الوقت في مشروعي تجلى في مسرحية ادرينالين والذي يكمن في جسد الفنان ومن هنا فتجربة ادرينالين لها خصوصيه تكمن في عدة اسباب».
وتضيف: « هذه التجربة تناولت قضية المرأة المصابة بسرطان الثدي وهي ممثلة مسرحية عانت وقاومت المرض من خلال الادرينالين هذا الهرمون السحري الذي لجأت اليه لتقاوم سرطانات المجتمع المتفشية والمخفية «.

*وانطباعاتك وعلاقتك بالمسرح العراقي؟
ـ «انطباعاتي عن المسرح العراقي وعلاقتي بالمسرحيين العراقيين هي علاقة طيبة وحميمة عمرها من عمر تجربتي المسرحية أي منذ 26 عاما سواء من خلال مشاهداتي ومتابعاتي للعروض التي كانت تأتي للأردن للمشاركة في المهرجانات او العروض المشاركة عربيا، فالمسرح العراقي حاله كحال المسرح العربي تعرض لنجاحات احيانا وتراجع في اخرى وسط الظروف السياسية والاقتصادية والحروب التي انهكت كاهل الفنان وارهقته، لكن هذا لا يمنع ان نشيد بتجارب مهمة لمخرجيين وكتاب وممثلين اسهموا في بناء وتأسيس الحركة المسرحية العراقية « .
وتضيف: « كانت مسرحية (ادرينالين ) ضيفة على المسارح العراقية اربع مرات، في مهرجاني اربيل والبصرة الدوليين، وفي دائرة السينما والمسرح ببغداد. وشرفوني ان يكون افتتاح موسمهم المسرحي الاول في بيت المنتدى التجريبي بعرض (ادرينالين) هو عرض الافتتاح ،واخر مشاركة لي في العراق كان في مهرجان مسرح الشارع الدولي بمدينة كركوك وكانت مسرحية (ادرينالين) عرض افتتاح المهرجان».

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة