مع تدهور الأسعار.. 3 تهديدات تواجه قطاع النفط العراقي

توقعات قاتمة في ظل إغراق السوق

متابعة الصباح الجديد:

بالتزامن مع انهيار أسعار النفط الخام، يواجه قطاع النفط في العراق ثلاثة تهديدات رئيسية بدأت بانخفاض إيراداته وقد تؤدي إلى تدهور الإنتاج والتسبب بمشاكل في الصادرات مستقبلاً.

ويعني انهيار الأسعار أن عائدات العراق الشهرية من الخام، قد انخفضت بمقدار النصف تقريبا عن شباط إلى 2,99 مليار دولار فقط في آذار.

ويدفع العراق لشركات النفط الدولية نحو ثلاثة مليارات دولار كل ثلاثة أشهر لاستخراج الخام. ومع انخفاض الأسعار إلى أدنى مستوياتها منذ 18 عاماً، تتطلع الحكومة إلى خفض التكاليف وتأخير الدفعات.

ففي الأسبوع الماضي، طلبت شركة نفط البصرة والتي تنسق الإنتاج في المحافظة الجنوبية الغنية بالنفط، من شركات النفط العالمية قبول تأخير الدفعات لستة أشهر، وخفض ميزانيات العمل بنسبة 30 بالمئة، بحسب مراسلات اطلعت عليها وكالة الصحافة الفرنسية.

وقال مساعد مدير الشركة والموقع خالد حمزة عباس، لوكالة فرانس برس، إن “تأخير دفعات الربع الأول أمر ضروري، وقد طلبنا الربع الثاني تحسباً، لكن شركات النفط لم تستجب بعد”.

إلا أن تلك الشركات بدأت تتخذ إجراءات مستقلة، بحسب رسائل داخلية اطلعت عليها الوكالة.

فطلبت شركة “إكسون موبيل” العملاقة على الفور من المقاولين “خفض التكلفة الإجمالية”، في حين طلبت شركات أخرى تخفيضات من المزودين.

وقال مصدر في شركة التشغيل الرئيسة في جنوب العراق لوكالة فرانس برس إن “شركات النفط العالمية تعاني من ضائقة مالية”. لكن المشكلة لا تتوقف عند هذا الحد.

الخام مقابل الاستخراج

تحاسب تلك الشركات العراق في نهاية كل ربع سنة بتكلفة استخراج الخام، وتدفع الحكومة العراقية لها بالنفط.

وقال مسؤول عراقي كبير لوكالة فرانس برس إن “مع انخفاض الأسعار، ستضطر الحكومة عملياً إلى استخدام كل نفطها الخام لسداد الشركات، ولن يكون لديها ما يكفي لبيعه”.

ويعتمد العراق على عائدات النفط لتأمين أكثر من 90 % من موازنته. ولا يزال يعتمد في مسودة موازنته للعام 2020 على سعر متوقع للنفط قدره 56 دولاراً للبرميل، أي نصف السعر الحالي.

وأدى تفشي فيروس كورونا المستجد إلى عرقلة عملية تناوب العمال الأجانب الرئيسيين العاملين في حقول النفط العراقية، ما يهدد بانخفاض الإنتاج المعتاد البالغ 4,5 ملايين برميل يومياً.

وللحد من انتشار المرض، أغلق العراق مطاراته وفرض حظراً كاملاً للتجول في عموم البلاد حتى 19 نيسان على الأقل، مع توقع التمديد.

وأغلق حقل الغراف في محافظة ذي قار، والذي كان ينتج نحو مئة ألف برميل يومياً، بعدما أجلت شركة “بتروناس” المشغلة عشرات العمال الماليزيين تخوفاً من كوفيد-19، بحسب ما أكد مصدر في شركة نفط المحافظة.

ويعيش غالبية عمال النفط الأجانب في الحقول بالبصرة، وهم عالقون هناك حالياً بسبب منع السفر.

وقال عباس “نسعى للحصول على موافقات لإعفاء الموظفين الأجانب حتى نتمكن من تأمين الفرق الدورية للتناوب. هذه الشركات لديها قواعد داخلية ولا يمكنها الاحتفاظ بالفرق هنا لأكثر من شهرين”.

خفض الانتاج

وقال مصدر من شركة نفط أوروبية كبرى تعمل في البصرة لوكالة فرانس برس إن وقف تناوب الموظفين الأجانب سيكون تهديداً أكبر للإنتاج، من مسألة تأخر الدفع.

وسيتعين على شركة “بريتيش بتروليوم” (بي بي) البريطانية أيضًا خفض الإنتاج إذا لم يعد بإمكان 4000 مواطن بريطاني يعملون في الجنوب، السفر.

وقال مصدر مطلع على عمليات شركة “بي بي” لوكالة فرانس برس “هذا موضوع غير قابل للنقاش.

التهديد الثالث هو انخفاض الطلب العالمي على النفط للمرة الأولى منذ عقد، إذ تتوقع الوكالة الدولية للطاقة أن ينخفض الطلب لعام 2020 بمقدار 90 ألف برميل يومياً، وهو تراجع حاد عن التوقعات بأنه سيرتفع بأكثر من 800 ألف برميل يوميا.

وأوضح مدير الوكالة فاتح بيرول، لوكالة فرانس برس، أن “لم يسبق أن واجهنا في السابق انخفاضاً قوياً مماثلاً في الطلب وفائضا كبيراً في العرض في الوقت نفسه”.

وثمة دولتان تواجهان تراجعاً في الطلب، هما الهند والصين، إذ يبيع العراق “حصة الأسد” من خامه، بحسب المحللة الجيوسياسية نعام ريدان.

وتعاني الصين، إذ ظهر فيروس كورونا المستجد للمرة الأولى، من تراجع اقتصادي كبير، كما دخلت الهند للتو في إغلاق تام لمدة ثلاثة أسابيع.

وقالت ريدان إن شهر نيسان سيكون شهراً حاسماً، لكن التوقعات قاتمة نظراً إلى أن المنافس الرئيس للعراق في الأسواق الآسيوية، السعودية، ينوي إغراق السوق النفطية هذا الشهر بالكامل، بمجرد انتهاء قرار تحديد الإنتاج في أوبك.

وقال المسؤول العراقي إن “الدول تقوم بتخزين النفط الرخيص. لذلك حتى لو لم نشعر به الآن، فإن المشكلة الحقيقية ستأتي في الأشهر المقبلة عندما لا يشتري أحد”.

قفزة هائلة في الأسعار

وسجلت أسعار النفط، أمس الخميس، قفزة هائلة متأثرة بتصريحات للرئيس الأميركي دونالد ترامب ودعوة السعودية لاجتماع عاجل للدول المنتجة إثر توسط الولايات المتحدة بين الرياض وموسكو لوقف حرب الأسعار بينهما.

وقال ترامب في تغريدة “تحدثت للتو مع صديقي محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، الذي تحدث مع الرئيس الروسي (فلاديمير) بوتين. وأتوقع وآمل أن يخفضا الإنتاج بنحو 10 ملايين برميل وربما أكثر من ذلك بكثير، إذا حدث ذلك، سيكون رائعا لصناعة النفط والغاز”.

وتابع في تغريدة ثانية “قد يصل خفض الإنتاج إلى 15 مليون برميل. أخبار جيدة (رائعة) للجميع”. وعلى الإثر ارتفعت أسعار العقود الآجلة لخام برنت بحر الشمال وغرب تكساس الوسيط بأكثر من 30 في المئة.

ولم يعط ترامب أي تفاصيل بشأن هذه الأرقام أو ما إذا كانت الكميات التي يتحدث عنها ستقتطع يوميا.

وسيشكل خفض الإنتاج بـ10 ملايين برميل يوميا تراجعا ضخما قياسا إلى ما ينتجه البلدان حاليا.

وبحسب تقرير أولي لمنظمة أوبك، تنتج روسيا يوميا 10.7 ملايين برميل، في حين تنتج السعودية 9.8 ملايين برميل يومياً.

وكانت الرياض قد أشارت مؤخرا إلى أنها تعتزم زيادة إنتاجها اليومي إلى أكثر من 12 مليون برميل في نيسان.

وبعيد إطلاق ترامب تغريدته، سارع الكرملين إلى نفي ما أورده الرئيس الأميركي، مؤكدا أن بوتين لم يجر أي محادثة مع بن سلمان.

دعوة لاجتماع الدول النفطية

وتتزامن تصريحات ترامب مع طلب الرياض أعضاء منظمة أوبك للدول المصدر للنفط والدول النفطية خارجها، إلى اجتماع عاجل بهدف الوصول إلى “اتفاق عادل” يعيد “التوازن” لأسواق الخام.

وقالت وكالة الأنباء السعودية الرسمية “تدعو المملكة إلى عقد اجتماع عاجل لدول أوبك+ ومجموعة من الدول الأخرى، سعيا للوصول إلى اتفاق عادل يعيد التوازن المنشود للأسواق البترولية”.

ولم تشر المملكة إلى أي خفض مرتقب للإنتاج النفطي.

وجاءت الدعوة بعد الاتصال الهاتفي بين الرئيس الأميركي وولي العهد السعودي بخصوص “أوضاع أسواق الطاقة في العالم” في ظل تراجع الأسعار.

وفقدت أسعار النفط العالمية نحو ثلثي قيمتها هذا العام في ظل توقف شبه تام للاقتصادات العالمية وبدء السعودية وروسيا في نفس الوقت في إغراق السوق بالخام.

ووصف ترامب في وقت سابق من الأسبوع الجاري حرب الأسعار بين روسيا والسعودية ”بالجنون“، وتحدث في الأمر مع بوتين.

وتحدث وزيرا الطاقة في البلدين في وقت لاحق واتفقا على مواصلة المباحثات بمشاركة كبار منتجي النفط والمستهلكين في العالم، حسبما أفاد به الكرملين.

وقالت إدارة ترامب إنها تخطط أيضا لإرسال مبعوثة خاصة إلى الرياض للضغط من أجل خفض الإنتاج.

وقال مصدران في قطاع النفط إن إمدادات السعودية من الخام ارتفعت الأربعاء إلى مستوى قياسي يتجاوز 12 مليون برميل يوميا، وذلك برغم تهاوي الطلب جراء تفشي فيروس كورونا والضغوط الأميركية على المملكة للتوقف عن إغراق السوق.

ودفع تراجع الطلب على النفط بسبب التدابير المتخذة لاحتواء فيروس كورونا المستجد وحرب الأسعار، إلى انخفاض أسعار الذهب الأسود، الاثنين، إلى أدنى مستوياتها منذ عام 2002.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة