الاقناع فن مهم من فنون السياسة لطالما حازه سياسيون بارعون في التسويق لأفكارهم ومشاريعهم ولطالما افتتن الجمهور بكلمات وخطابات بليغة قلبت الطاولة واستحوذت على القلوب والعقول وغيرت المعادلات في رمشة عين ومالم تمتلك الشخصيات القيادية مهارات القدرة على الاقناع والتأثير في الجمهور فلا مكان لها في دوائر المنافسة وفي الساحات الانتخابية ..اعجب ان لا يمتلك مسؤول او قائد عراقي مثل هذه المهارات وهو ينتمي الى بلد الخطابة وبلد البلاغة الذي يزخر بإرث فكري وثقافي يغني من يريد التعلم والتعرف على فنون الكلام فما بال رئيس وزرائنا عادل عبد المهدي لا يقوى على اقناعنا بخطبة من خطبه ولا يسحرنا بلفتة او حركة من حركاته او جلسة من جلساته وكنا نحسب ان ما سطره على ورق الصحف طوال عقد من الزمن من مقالات واعمدة صحفية تكفي لمنحه الثقة والشرعية في تولي زمام الامور وتفعيل الافكار والنظريات التي دأب على طرحها وعرضها امام وسائل الاعلام وفي اللقاءات العامة والخاصة واذا بنا امام خواء معرفي وامام التفاف وتحايل على العهود والمواثيق ونكوص وتراجع عن المبادئ التي نادى بها او دافع عنها ..
عبد المهدي هذا اصبح في لجة الحراك الجماهيري وفي فوران التحرير ثقيلا مملا لا يطيق الشباب الرؤية اليه او الانصات لكلماته لأنه خالف التوقعات وغاب الصدق في ثنايا كلماته واصبح لا يتقن فن الظهور وفن الغياب وبانت معايب طاقمه الرئاسي من مستشارين او معاونين او نصائح وفقد الشعب الامل بظهوره بمظهر المساند او الداعم حتى اصبح سكوته ذهبا وكلامه وبالا ..وكان المأمول ان ترتقي كلمات قادة العراق والمسؤولين فيه الى مستوى الدماء التي نزفت والى الانتهاكات الفظيعة التي ارتكبت وان يمتد تأثير خطابها وقراراتها الى الفضاء الواسع في ساحة التحرير وساحات المحافظات والمدن العراقية التي مازالت تضيء وتتوهج بهذا الحراك السلمي تحت رايات الاعلام العراقية وتحت عنوان نريد وطنا وتحت شعارات الرفض بأن تستمر احزاب السلطة بالتهام ما تبقى من هذا الوطن …وامام هذه المسيرة الطويلة من التضحيات وامام هذا السيل الهادر يستحق العراقيون ان يخرج عليهم زعيم وطني يترفع على المسميات وينتمي للشعب وحده يخفف آلامهم بيد حانية وبكلمة طيبة لا بالإصرار على ليّ الحقائق وتصدير الرثاثة وبث الملل .
د. علي شمخي