*سؤال له ما يبرره.. الأزمة الى اين؟ وحتى تمكنك الاجابة على هذا السؤال الخائف عليك ان تهدأ قليلا، وتؤمّن معدّات التحليل، وزوايا النظَر، قبل ان تستمع الى ما يقوله اصحاب الأزمة، الذين سرعان ما ينكرون وجود أزمة، وان المشكلة هي في سوء تفاهم (يقصدون تضارب مصالح) او سوء ادارة (يقصدون سوء توزيع الامتيازات) فما نسمع من كلام يتشبه بالهذيان. الشيء ونقيضه في تصريح واحد. لا رأس للشليلة. الكل رأسٌ حين يتعلق الامر بتوزيع الامتيازات، والكل يتضاءل ناعما، كقشر بصل، حين يتعلق الامر بالحساب والمسؤولية عما حل من كوارث ومآس. *رئاسة الوزراء اردناها حلّاً لأزمة العراق حين اختيرت من خارج الكتل السياسية، فصارت مشكلة للكتل، وللعراق معا، فيما الحل الذي ننشده يبتعد بمسافة كارثة، سيما اذا ما طلبنا ذلك الحل من «اصحاب الحل والربط» الذين يتصرفون كما لو أن هذه المرحلة العراقية هي عصرهم الذهبي: لا دولة حقيقية تفلش دولهم الخلفية «العميقة» ولا فوضى عارمة تُغرِق القارب ومن عليه من قباطنة وأتباع ومنهوبات. الضجيج سيد المرحلة، فيما شاءت الشاشات الملونة، وسحرها واكاذيبها، ان تركب اصحاب الازمة، فتسخرهم بوظيفة مهرج، بدلا من ان يركبوها هم ويجعلوا منها واسطة للظهور امام الجمهور من دون مساحيق، أسود وأبيض.
*يبقى السؤال الاستهلالي، الى اين، معلَّقا من رجليه من دون اجابة، ومثلما كان شعراء الجاهلية، في بداياتهم، يركبون بحْر الرجز لسهولة امتطائه، فتظهر قصائدهم الابتدائية تتشبه ببعضها من حيث تكلّفها ورطانتها، فان ابطال الأزمة، يهرعون الى خطب الادعاء الفارغ بالرضا عن النفس لتأخذ منحى واحدا على اختلاف اللهجات: خداع الناس، وكأنها اختيرت من حافظة واحدة تعطّ منها الحموظة. لا يكاد ينتهي البعض من شرشحة بعضهم، أمامنا، حتى تبدأ كواليس بوس اللحى تنعقد على بركات المصالح التي لا تتصدع، ثم يبدأ الأتباع ترتيب الولاءات وحساب الربح والخسارة، ويذهب الاصحاب الى الثناء على اصحابهم، وابناء القرية الى امتداح ابنائهم، محسوبة بفرص الحصول على موقع في سلم الدرجات الخاصة، او في استراحة باذخة بعنوان سفير في دولة تكثر فيها البنوك المحصنة، ويبقى لنا التحليل الذي لا يحلّ، واسئلة الملايين,, الى اين؟.. وعما اذا سيستمر هذا الحال على حاله.
*ننام ليالينا على احلام مفزعة، وينامون هم على رَجَزٍ تقول عنه القواميس انه داء يصيب الإبل.. والعياذ بالله.
ارت بوكوالد:
«أنا لا أكتب..إنما أفتح النوافذ ليتنفس القراء.».
عبدالمنعم الأعسم