عامر القيسي
بإنتظار نتائج الإنتخابات النهائية ومعرفة حصة كل كتلة سياسية من مقاعد البرلمان، تزدحم أروقة وصالات بحوارات بين حلفاء الأمس أنفسهم وبين الفرقاء أيضاً، وتبرز التصريحات جواً وردياً حتى اللحظة، وهي تصريحات تتسم بلغة دبلوماسية وعمومية عالية، فالجميع يتحدث عن الإصلاح والعراق الواحد والشعب المنسجم والحكومة القوية والإنتقال بالبلاد من حال الى حال ..
وبرغم تخمتنا من التصريحات والمجاملات وتبويس اللحى و»طبطبة» الأكتاف، الا ان ما يجري خلف هذا المشهد هو من سيكوّن اللوحة السياسية المقبلة ، فقد عوّدنا «الأخوة الأعداء» أن ما يقولونه غير ما يفعلونه .. وأن ما يعلنونه لنا غير ما يتفقون عليه .. وأن كل موال له ليلاه !
ونذهب بهذا الإتجاه ليس تجنياً على أحد فخطابات ما قبل الإنتخابات غير خطابات ما بعد الإنتخابات الحالية، والتنقل الحر من موقف الى موقف مشروع وممكن في عالم السياسة المتبدل، وعلى هذا الأساس يمكننا القول ان خطابات ما بعد النتائج النهائية ستكون مختلفة عن التي نسمعها الآن ..
لحظة الحسم لم تأت بعد !
حوارات اليوم المنحصرة تحديداً لترتيب بيوت المكونات للحفاظ على المكاسب أو الحصول على مكاسب جديدة على ضوء الأرقام التخمينية لنتائج الإنتخاب، قد تزحف قليلاً يساراً ويميناً على ضوء المصالح الكتلوية وحتى الخاصة، وهي خطابات لا يعلن عنها إلا في مجالس بالغة الخصوصية تدخل فيها لغة الرياضيات عنصراً حاسماً في تحديد المواقف وإعلان التحالفات ..
فيما ستكون عقدة الولاية الثالثة من مفترقات الطرق الجديدة أو السير بالقديمة قدماً على ضوء النتائج النهائية أولاً وما ستؤول إليه المعارك العسكرية الجارية في الأنبار والفلوجة وما يجاورها تحديداً، معركة تبدو ملامحها غامضة برغم وضوح أهدافها وما نتج عنها من مآس لأناس لا ناقة لهم مع إرهابيي داعش والقاعدة ثانياً وما يمكن ان تسفر عنه التفاهمات الإقليمية بشأن الوضع العراقي، والعم سام لن يكون بعيداً عنها ولا مراقباً كما ان طهران لن تتفرج على الجار العراقي فيما تعمل السعودية من خلف الأبواب لترسخ تأثيرها في بعض الزوايا ثالثاً، فيما تعمل تركيا على لملمة تشظيات بيتها القديم رابعاً ..
لا أحد يستطيع ان يجزم الآن عما ستؤول إليه الأشكال المقبلة من التحالفات، ذلك ان خطوطها العامة متشابكة وألوانها رمادية، فلا التحالف الوطني حسم أمر تحالفاته المقبلة وترك الباب مفتوحاً للجميع ولا الإئتلاف العراقي، على ما يبدو، لديه وضوح في إتجاه بوصلته التي تتأرجح بين الشمال والجنوب، فيما الكرد ينتظرون كل هذا الحراك ليقولوا كلمتهـم الحاسمـة ..
بإنتظار النتائج النهائية للإنتخابات، وهي قريبة جداً، سنشهد على ما أظن خطابات مختلفة ربما تكون هي التي سترسم شكل التحالفات المقبلة التي ستقود البلاد للسنوات الأربع القادمة.