نصير الشيخ
ـــ شكلت قصيدة النثر العربية مساحة واسعة في الأدب العربي المعاصر. ورسخت في العقود الأخيرة حضورها الكمي في مسار الشعرية منذ انبثاق ريادتها منتصف القرن العشرين الماضي. وبكل تأكيد كان ومازال للشعرية العراقية حضور متجدد عبر قراءة واستيعاب وإنتاج مفاهيم محدثة عن هذه القصيدة.
من هنا جاء كتاب الشاعر والناقد ( ماجد الحسن) والمعنون ( قصيدة النثر ـــ ذاكرة التكرار وحضور الاختلاف) والصادر حديثاً عن دار صفاء للطباعة والنشر والتوزيع / عمان ــ الأردن بطبعته الأولى 2024.
قسم المؤلف كتابه هذا الى مقدمة وأربعة فصول تضمنت مهاداً نظرياً لقصيدة النثر، ومن ثم عملاً إجرائياً لعديد نصوص لشعراء عراقيين حاضرين في المشهد الشعري منذ بداية تسعينيات القرن الماضي وحتى الآن. وبما يشكل مسحاً شاملاً تحت تبويبات، عمل عليها المؤلف.
الفصل الأول جاء تحت عنوان ( النص والكيفية البنائية) ركز فيه المؤلف على دور الشعر وتحولاته المستمرة والمرهونة بالاستحداث واستبدال الأشكال. من هنا يكون الشعر حقل تتداخل وتتصادم فيه المعطيات كافة، على وفق عملية إنتاجية ذات جدلية داخلية تلي حاجة إنسانية.
( اختلاف اللغة وتحولات المعنى ووعي الصورة) هو عنوان الفصل الثاني من الكتاب، ضم أبواب اللغة وجوهر الاختلاف والتشظي وتحولات النص ووعي الصورة، مؤكداً فيه أن النص منظومة لغوية تنطلق من فضاء الكينونة/ الذات مما تتمتع به من خصائص التوصيل والمشاركة، وإن النص الشعري إنما هو كيان لغوي بالدرجة الأولى وعلى مستوى اللغة تتشكل او تنعكس سائر البنى التي تلتئم في بنائه.
الفصل الثالث حمل عنوان ( المقاربة التداولية ــ التحول من النص الى الخطاب) مؤكداً فيه وعلى وفق المعطيات التي توصل اليها في طروحاته، من أن النص هو خطاب تداولي يوجه لمتلقِ لغرض التأثير والتواصل وفق سياق محدد.
من هنا يكون النص الشعري مرتبط بناحيتين هما: حساسية القارئ وانطباعاته تجاه النص، ومن جهة ثانية هو انعكاس لواقع اللغة وتشكلاتها. مؤكداً فيه المؤلف خلاصاته النقدية على أن اللغة الشعرية تعد بحسب التداولية، لغة مثالية تختلف عن اللغة العادية، إذ تنطوي هذه اللغة على مقاصد عدة منها الثقافية والأخلاقية والشعورية والمعرفية والجمالية.
( مقاربات البنيات النصية ــ البنية والنص) هو عنوان الفصل الرابع من الكتاب، مؤكداً فيه وعبر فحص الوظائف التداولية والتواصلية الى أن ” النص الشعري ومنذ القديم تتجاذبه بنيات عديدة، تتعلق بتنظيمه الداخلي تبعاً لوعي الشاعر من خلال استثمارها نصياً والتصرف بها على انها خاصية رمزية).
كتاب ( قصيدة النثر..ذاكرة التكرار وحضور الاختلاف) لمؤلفه الشاعر والناقد ماجد الحسن، هو خوض جمالي واستقصائي، ودراسة فنية خاض فيها المؤلف غمار قصيدة النثر ومساحاتها الواسعة، منطلقاً من مفهومي التكرار والإختلاف، مستنداً الى ان هذين المفهومين هو لبيان مدى قرب قصيدة النثر أو اختلافها عن النموذج الشعري التقليدي.