حاورها: رضا أم الريش
“الشعر هو لغة الروح ونبض الإحساس، ومرآة تعكس عمق المشاعر والأفكار. اليوم، يسعدنا أن نتحاور مع شاعرة مبدعة، تحمل الكلمات في جعبتها كأنها زهور، تنثر عبيرها في كل مكان. إنها الشاعرة الجزائرية. ” طرفاية خضرة ” صاحبة المجموعة الشعرية ” همسات عبير ” التي شاركت بها مؤخرا ضمن فعاليات الصالون الدولي للكتاب بالجزائر دعونا نستكشف معها عوالم الإلهام والإبداع، ونغوص في أعماق تجربتها الشعرية الفريدة. من خلال هذا الحوار. :
1- كيف يعبر شعرك عن شخصيتك وتجاربك الشخصية؟
– الإنسان ابن بيئته، يؤثر ويتأثر سواء بالسلب أو الإيجاب، فقد تخط أناملنا ما هو حبيس بداخلنا من مكنونات وعواطف وتسرده للعلن، على إثر تجارب معاشة أم تجارب نتعايش معها، أو قضايا ومواقف نود عيشها ونحلم بها، فهذا المنبع إذن هو مزيج بين الواقع والخيال، بين الذات المبدعة والذوات المتلقية المتذوقة، وأنا أنثى شاعرة وبجنس حواء شاعرة، كوني بها ولها ومنها أستمد نبض حروفي.
2- هل هناك حدث معين أثر على مسيرتك الشعرية بشكل كبير؟
– في حقيقة الأمر إن دخولي مضمار الشعر لم يكن بالصدفة ولا حتى أمر مرتب له، فهو مقام كعبه عال وركائزه أمتن، ولم يكن بمقدوري ولوج هذا العالم الفسيح، لو لم تكن هناك موهبة حبيسة بداخلي لأعوام، فحو صندوق خفي وبزاوية مظلمة، وآن لها البروز في الخامس من جويلية الذي يتزامن وذكرى وفاة الوالدة الكريمة “رحمها الله “،
التي كانت تقرض الشعر الملحون على السليقة. ففي هذا اليوم كانت لحظة مخاض لأول مولود فكري لي موسوم بهمسات عبير الصادر عن الدار الحاضنة للعمل دار الأندلسيات للنشر والتوزيع بالباهية وهران.
3- ما الذي يميز أسلوبك الشعري عن غيرك من الشعراء؟
– لكل مبدع بصمته الخاصة في عمله الإبداعي ، مهما تشابكت الأساليب و تقاربت وجهات النظر وتداخلت التجارب ، وأنا وجدت نفسي أنحى المنحى الوجداني الرومانسي ، إذ بالشعر في نهاية المطاف هو عالم من الخيال والعواطف ، وقطعة من روح صاحبه وجزء لا يتجزأ من كيانه وواقعه المعيش ، فكل همسة من همسات مجموعتي الشعرية ، أناشد فيها بالرومانسية الخلاقة في العلاقات الجدية بين الطرفين لا العلاقات الآنية العابرة ، وكأن بي أميط اللثام عن جرح غائر تشهده كل أنثى إبان ممارستها للعلاقة الحميمية مع زوجها وما يصحب هذه العلاقة من
روتين ورتابة وشبه ضمور وانطفاء عاطفي، فآن لنا أن نسلط الضوء على هذه الممارسات البالية التي ما أتى الله بها من سلطان.
4- لو لم تكوني شاعرة فما هو المجال الذي كنت ستختارينه؟
– المجال الذي كنت سأختاره لو لم أكن شاعرة، هو كل مجال ينسج من لغة الضاد خاتما وعقدا وسوارا، أي أكون صاحبة قلم مبدع، قد أكون قاصة أو روائية ………الخ
المهم أنني سأداعب لغتنا العربية بشكل أو بآخر، فأجعل للحرف نبض وللكلمة روح، وللجملة نفس، وللفقرة كيان وللنص لحمة واحدة، وبنيان شامخ.
5- هل تستمدين الإلهام من الطبيعة، الحب، الألم، أم من مصادر أخرى؟
– في حقيقة الأمر إن الإلهام مولود فينا، في دواخلنا قبل أن نستمده من مصادر أخرى، فهو إذن توليفة ثنائية بين الداخل والخارج، ومزاوجة هادفة فاعلة بين ذواتنا المتكلمة الناطقة المحسوسة، وبين الشخوص المحيطة بنا الصامتة الناطقة في الآن ذاته وأقصد هنا الطبيعة التي تحوينا وتحتوينا.
6-هل تجدين الكتابة نوعا من العلاج النفسي أو التعبير عن الذات؟
– فعلا هي كذلك، فالكتابة هي تعبير عما يختلج في جوانحنا من أحاسيس ومشاعر، وما يشوبنا من مواقف وتجارب، عشناها أو نتعايش معها، وهي نوع من العلاج النفسي الفعال، فعند البوح والفضفضة تذاب كتلة الجليد المترسبة بدواخلنا، وتفك شيفرات ورموز كانت عالقة بأذهاننا، فنحن عندما نحب نكتب، وعندما نتألم نكتب، وعندما نعجز عن التعبير باللسان الناطق، تنطق أقلامنا بدون قيد، فنترك لها حرية التعبير، معانقة بذلك الورق فترسم ما تشاء من لوحات فنية رائعة وراقية وهادفة قد تكون شعرا أو نثرا.
7- ما دور الموسيقى والفنون الأخرى في تغذية روحك الشعرية؟
– نحن نعلم أن الأذن قد تعشق قبل العين أحيانا، وأنا مثل كل متذوق له أذن موسيقية، يعشق كل ما هو راق تتشنف له الآذان، وترتاح له القلوب وتطمئن له النفوس، وتأنس به الروح.
8- برأيك هل يختلف شعر المرأة عن شعر الرجل؟
_ حسب رأيي المتواضع لا يوجد فرق بين شعر المرأة وشعر الرجل فكلامها يغرف من الوعاء ذاته ألا وهو لغة الضاد -لكن- الفرق يكمن في طريقة صب تلك الجواهر في قوالبها الصحيحة ومكانتها الحقة بغض النظر عن جنس المبدع فلكل إبداع أيا كان منشأه ومنبته الخاص به ولكل مبدع بصمته وسيرورته.
9- ما القضايا النسائية التي تجدينها بحاجة ماسة للتعبير عنها شعريا؟
– القضايا النسائية التي أجد نفسي بحاجة ماسة إلى التعبير عنها هي كثيرة وكثيرة جدا، ولعل من بينها أو أهمها إن صح القول هي الاحتواء، بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وما ترمي إليه من مدلولات، فالمرأة عموما هي الأم والأخت والصديقة والزوجة، فإن لم تجد من يحتويها ويهتم بها لا يمكنها أن تبني بيت وتؤسس أسرة فرفقا بالقوارير.
10- كيف تقيمين حضور الشاعرات في الساحة الأدبية حاليا؟
– أنا من هذا المنبر ليس بوسعي تقييم أي أحد كان في الساحة الأدبية حاليا، كوني لازلت على عتبة الدرج الأول من السلم، ويلزمني الكثير والكثير حتى أصل لدرجة التقييم – لكن – يمكنني الإشارة فقط لنقطة هامة وهي أنني متأملة خيرا في جنس حواء حتى يبدع ويتألق في سماء الحرف، وتكن لهن بصمة نسائية قارة في الحياة الأدبية فكما نعلم بداية المعرفة فضول ونهايته إبداع.
11- إذا كان بإمكانك أن تحولي إحدى قصائدك إلى لوحة فنية، أي قصيدة ستختارين؟
– لو كان بإمكاني تحويل إحدى قصائدي إلى لوحة فنية، سأختار قصيدة ” شذايا اللهب ”
فهي تحمل بين طياتها ما تحمل، رسائل مشفرة، أحاسيس جياشة، همسات عابرة و …..الخ
12- ما هي الكلمة أو العبارة التي لا تستطيعين الاستغناء عنها في شعرك؟
– في الحقيقة هو ذلك الصراع الأزلي والأبدي بين العقل والقلب، بين المنطق والفؤاد فالقلب في حبه مال وتكبدا والعقل في حكمه جار وتمردا.
13- إذا قابلت شاعرة أو شاعر من الماضي، من سيكون، وما السؤال الذي ستطرحينه عليه؟
– إن الشعراء الذين أود مقابلتهم والدردشة معهم والاستفادة منهم كثر، ولعل الاسم العالق بذهني والذي لن تنساه الذاكرة ولن تمحوه السنون هو: الشريف الرضي وقصيدته الشهيرة ظبية البان.
والسؤال الذي يبقى عالقا بالذهن، كيف له أن صور تلك اللوحة الفنية الرائعة والراقية التي تصمت لها الأفواه وتنحني لها الريشة وتنعقد أمامها الألسن لما تحويه من صور وبلاغة.
14- كيف تتعاملين مع انتشار الذكاء الاصطناعي في الكتابة الإبداعية
– نحن نرحب بكل وافد جديد، فنأخذ منه ما يخدمنا ويتماشى مع قناعتنا وميولنا
في ظل التطور الراهن، ونترك منه ما لا يقدم لنا إضافة.
والذكاء الاصطناعي انتشر بصورة كبيرة في الآونة الأخيرة وما علينا سوى مسايرة العصر بلا إفراط ولا تفريط.