اذا صحت الاخبار المتداولة التي تفيد بوجود توجه لتنظيم انتخابات جديدة لمجالس المحافظات ترافق الانتخابات التشريعية لمجلس النواب ولكن بصورة جديدة تتمثل بتقليص اعداد اعضاء مجالس المحافظات واعادة النظر بالصلاحيات الممنوحة لهم بشكل يعيد ثقة المواطن العراقي بهذه المجالس اذا صحت مثل هذه الاخبار فان اطلاق مفهوم الاصلاح على مثل هذه الخطوات او الاجراءات سيكون فعلا اصلاحا حقيقيا بعد ان ادخلتنا التجارب السيئة في نفق مظلم طويل فقدنا فيه على مدى السنوات الماضية الكثير من الموارد والطاقات وتنامت فيه ممارسات الفساد وقادتنا تلك الممارسات الى القطيعة بين المسؤول والمواطن في الدولة العراقية . ان قرار تجميد عمل مجالس المحافظات الذي تم اتخاذه ضمن الاجراءات الاصلاحية التي اقدم عليها مجلس النواب هو ثمرة التضحيات الكبيرة التي قدمتها كواكب الشهداء من المتظاهرين ابان انتفاضة تشرين بعد ان امعن بعض اعضاء مجالس المحافظات في اطماعهم وبعد ان اصبحت تدخلاتهم اللامشروعة في برامج الاعمار والخدمات عائقا حقيقيا امام تقديم أي برامج ومشاريع من شانها التخفيف عن اعباء المواطنين في مراكز المحافظات وفي الاقضية وفي النواحي ولكن في نفس الوقت ان هذا التجميد فتح الباب واسعا امام قوى نفوذ اخرى تعمل اليوم على التدخل في عمل المحافظين وهذه القوى ترتدي اقنعة متعددة وتتسمى باسماء وهمية كثيرة لكنها في النهاية تنتمي الى نفس احزاب الفساد التي عاثت خرابا حينما كانت تعمل بمظلة مجالس المحافظات وقد (تغول) كثيرا بعض ممثلي هذه القوى في المحافظات واصبحوا يسيطرون تحت وطاة الضغوط والتهديدات على المزيد من العقود ومشاريع الاعمار داخل اقسام بلديات المحافظات واستغل كثير منهم التقاسم المحاصصي داخل دوائر المحافظات وباتت مناصب مدراء البلدية عرضة للمزايدات العلنية والسرية للاستحواذ على مقدرات المحافظات حيث يحتمي خلف هذا المنصب مجاميع من اتباع الحزب او الفصيل السياسي الذي يفوز بمنصب مدير البلدية مما تسبب باستمرار الفساد في مشاريع تعبيد الطرق وتاهيل البنى التحتية للاحياء السكنية حيث يتم منح العقود الى شركات غير مؤهلة يتشارك في تاسيسها ممثلي احزاب سياسية وصار من الواجب ملء الفراغ الذي تركه غياب سلطة تشريعية تراقب الاداء التنفيذي في المحافظات ومن ثم فان اعادة تشكيل مجالس المحافظات بصيغ جديدة تضمن عدم هدر الاموال وتضمن الكفاءة والنزاهة مطلبا حقيقيا يدخل في دائرة الاصلاح ومن المهم جدا عدم تكرار الاخطاء والاساليب السيئة التي صاحبت اداء مجالس المحافظات المجمد عملها حاليا وتقديم مجلس محافظة جديد رصين ومصغر يمثل نخب ادارية وفنية غير مسيسة مهمته رقابية تمنع تغلغل المفسدين الى منافذ الاعمار والخدمات في المحافظات ويضع حدا لوصول الاحزاب السياسية الى مرافق المشاريع المختلفة .
د. علي شمخي