متابعة الصباح الجديد:
صدر العدد الجديد (236) من جريدة “الأديب الثقافية” التي يرأس تحريرها الكاتب العراقي عباس عبد جاسم، وتضمّن موضوعات ثقافية مختلفة، وقد زيّن الغلاف لوحة للرسام والتشكيلي اللبناني ريمون شويتي.
في حقل (فكر) قدّمت الدكتورة هناء خليف غني ترجمة لدراسة حملت عنوان “أحبُّ أطرافك الاصطناعية كما تحبُّ نفسك: الجنس والنص والجسد في خطاب السايبر”، وفيه تطرح كاتبة النص هانو أركانين أسئلة مركزية، منها: كيف كان هؤلاء الرجال الذين أعيد بناء أجسادهم الاصطناعية يشعرون بأنفسهم، أعني من حيث العواطف والأحاسيس؟ هل كانت أجسادهم التي أصلحت وتضخمت ميكانيكيا مصدرا ً للمتعة أم الغضب، السعادة أم الحزن؟
هل كانوا هؤلاء الرجال يحبون أطرافهم الاصطناعية؟ وما السبب الذي يجعل الجراحات الترقيعية والأطراف الاصطناعية اليوم في عالم ما بعد الحداثة، تؤلّف موضوعا ًللرغبة أو خيالا ًحلميا ًللفنتازيات الجنسية التي تجد تعبيرا ًلها في استراتيجيات نصّية ما بعد حداثية و/ أو ما بعد بنيوية متعلقة بالجسدانية والتجسيد في الثقافة التقنية؟ وهل تؤلف الأطراف الاصطناعية رمزاً لغويا ً– ثقافيا ًدالا ًعلى وصول الإنسان الفائق ما بعد النيتشوي الذي يؤلف تجسيدا ًللعنصر التكنولوجي كلي (القدرة)؟
ومن خلال هذه الأسئلة – المفاتيح تدخل الكاتبة هانو أركانين إلى إشكالية الإنسان الفائق أو ما بعد الإنسان المتمثل بالنموذج الأصلي “للسايبورغ الذي احتفت به نظرية السايبر/ التكنولوجية ما بعد المستقبلية المحدثة المبهرة بالتعالي التكنولوجي”.
ويمكن إختزال هذه الأسئلة – المفاتيح إلى الكيفية التي يلتغي فيه الحد الفاصل بين العضوي والمكائني، أي بين الجسم والجهاز الاصطناعي الذي يغلّف الذات.
وفي حقل (رأي عام ثقافي)، يرى حسب الله يحيى بأن “وزارة الثقافة عاجزة عن تقديم أي منجز ثقافي واضح .. حيث يتعثر إصدار مجلاتها وكتبها ومهرجانتها الثقافية، وبالتالي تفقد دورها في تقديم أي خطاب ثقافي فاعل ومؤثر”، ويرى أيضا ًبأن “نشاطات وزارة الثقافة بات يقتصر على إصدار كتب لا تُغني ولا تسمن من معرفة، ومجلات منسية لا تحرّك الأجواء الثقافية ولا ترقى بوعي الناس” وبالتالي فإن “وزارة الثقافة على سعة اهتمامها وكثرة دوائرها لا تقدم ما يطمح إليه المثقفون والأكاديميون والأدباء والفنانون والمهتمون بالآثار والسياحة”.
وفي حقل (ثقافة عالمية) قدّم الكاتب والمترجم المغربي عبدالرحيم نور الدين ترجمة لحوار مفتوح أجراه ديديي جاكوب في مجلة “لويس” مع الكاتبة الهندية اورندهاتي روي، وقد تمحورت الأسئلة والأجوبة حول (الرواية) وخاصة في روايتها “وزارة السعادة القصوى” و”إله الأشياء الصغيرة” و”الوضع السياسي في الهند”، و”التخييل بحصر المعنى” و”معركة النساء في كشمير” و”الاحتجاج” في حي “جنتار منتار” من أحياء نيودلهي و”رئاسة ترامب للولايات المتحدة الأميركية”.
ومن أجوبة الكاتبة الهندية روي: “شعرت بكوني موضوع تسويق/ كانوا يبيعونني كوجه جديد للهند المعاصرة، والمتوجهة نحو المستقبل”.
وتقول أيضًا: “في الهند الحاضرة، أن يكون المرء مَثلي الجنس أو متحولا ً جنسيًّا، هو أقل خطورة عليه من أن يكون مسلما”.
وفي حقل (قراءات) قدّم الناقد الفلسطيني الدكتور زياد أبولبن قراءة لكتاب “القدس والقصيدة العمودية القديمة: جدل الاسم وجماليات الدلالة” لمؤلفه الدكتور عبدالحميد المعيني، وقد عرض فيه أبولبن لأهم جماليات دلالة القدس عند المؤرخين العرب، كما تعرّض لأصحاب الانتحال والتحريف الذين غيّروا اسم القدس ودلالاته.
وفي حقل (نقد) شارك الناقد أسامة غانم بدراسة حملت عنوان “تشظي المحكي المتعدّد في رواية [بوز الكلب] للكاتب عباس عبد جاسم، وجاء فيها “إن ما يجعل رواية [بوز الكلب] أكثر تميّزا ًعن أنماط الرواية التجريبية السائدة، هو أنها تجمع بين جنس الرواية الملموم وعمل النص المفتوح، ورغم تشظي المحكي كبنية مهيمنة في الرواية، فإن ثمة خيطا ًسرديا ًرفيعا ًيتحكم في الربط بينهما” كما “إن الروائي يعمل بقصدية ما فوق نصّية، على إحالتها خارج النص تماما ًإلى ما وراء السرد، وإلى ما وراء الرواية، لإيجاد مداخل (مفاتيح) لتدوير الشيفرات والإشارات المبثوثة في الرواية، والواقعة في منطقة يتداخل فيها الوهم بالحقيقة والمتخيّل بالواقع”.
وتضمّن حقل (نصوص) قصيدة بعنوان “أحزان بدائية” للشاعر علي جعفر العلاق، وقصة بعنوان الإجابة تقتل السؤال – الجسد يقتل الرصاص” للكاتب أمجد توفيق و”بطاقات الإقامة” للكاتب العراقي المقيم في المغرب فيصل عبدالحسن، وقصيدة بعنوان “مرايا الفجر” للشاعر العراقي المقيم في نابولي – إيطاليا مالك الواسطي، و”قصائد” للشاعر عبدالهادي عباس.
وفي حقل (تشكيل) قدّم هيثم عباس قراءة في لوحات الفنان اللبناني ريمون شويتي حملت عنوان هندسة الفراغات الكونية”، جاء فيها:
“لم يكتف الرسام والتشكيلي اللبناني، ريمون شويتي بتأثيث الفراغات الكونية بأشكال هندسية مجرّدة، وإنما إستبنى منها بنيات بصرية ذات رؤية فلسفية قائمة على زحزحة الحدود الفاصلة بين الوجود والعدم/ المرئي واللامرئي/ المعاش والمحسوس/ المتناهي واللامتناهي، وبذا فالأشكال في هذه اللوحات تمثل حيوات متحرِّكة بقوة الدوال الناتجة عن حركة الخط وتوهج اللون ودلالة الشكل، لهذا تتجه نحو الامتلاء بدلالات وجودية وصوفية، يشدّها نداء غامض واضح نحو إعلاء ما هو حسي (نسبي مطلق)، يمتزج فيها المادي بالروحي، والصوفي بالدنيوي، لذلك فهي تسعى إلى تصفية حواس الإنسان من الشواش، وتنقية الذوات من أدران الوجود” كما “أراد ريمون شويتي أن يقدّم الأشكال الهندسية بجماليات عابرة للفراغات الكونية، ليس لتفسير الدلالات الناتجة عنها، بل مقاربة الأشكال الهندسية بالفراغات الجوانية للذوات الإنسانية”.
وكتب رئيس التحرير في حقل “أطياف” وتحت عنوان “نقطة إبتداء”: “المرأة أم الأنثى؟”، وقد مزج في هذه المقاربة بين ما هو ذاتي وما هو موضوعي، لهذا قام بالتمييز والتفكيك بين المفاهيم التي اختزلت المرأة إلى الذات والمفاهيم التي اختزلت الأنثى إلى جسد، وتوقف عند أخطاء ومزالق الجندر في الكتابة السردية التي اختزلت الرجل إلى (عضو ذكورة) واختزلت المرأة إلى (عضو أنوثة)، ورأى بأن للمرأة قيمة ليس لها علاقة بـ “عضوها الجنسي” كأنثى.
وفي حقل (أخبار وتقارير) كتب الدكتور عبدالمطلب محمود متابعة انطباعية عن ديوان “سلاما ً أيها الجبل” للشاعر المصري الشاب أحمد حافظ، كما تضمنت (الأخبار) تغطية خبرية لأحد الإصدارات الثقافية الجديدة.