عامر القيسي*
برغم إستعجال السيد الحكيم في إعلان فوز إئتلاف المواطن وتأكيد المالكي، في مؤتمر صحفي، ان إستقراء الوضع يشير الى فوز إئتلافه دولة القانون .. فان المؤشر في كلا الخطابين يثير الكثير من علامات التساؤل ان كنا سننطلق ثالثة من المربع الأول كما يسميه ساستنا الكرام ..
كلا الخطابين تحدثا عن مكونات شيعية وسنية وكردية وأقليات وهو الخطاب الذي بقي توأما للتحول السياسي في البلاد ما بعد 2003، وبرغم كل التزويقات ومحاولات تجميل المفردات ومعانيها إلا انهما لم يستطيعا ان يذهبا بعيدا في «التغيير» الذي نادى به الجميع.
بالرغم من كل النتائج المأساوية التي أفرزتها لنا لغة المكونات والأقليات إلا ان التمسك بها يعني عملياً التمسك بمرشحات السلطة وقاعدتها والبناء عليها والتفكير بها مستقبلاً، وهو نتاج طرح إستراتيجي لا ينفع معه التغيير، ان حصل، على الطريقة الحالية، ولا أقصد الإنتخابات وإنما العقليات وإستراتيجياتها.
لا أدري لما الخوف من القول ان القادمين الجدد لاعلاقة لهم بالمكونات من حيث هي مكونات وإنما القادم سيأتي ممتطياً صهوة النزاهة والكفاءة والهوية الوطنية، بغض النظر عن إنتمائه .. فالمواطن لا يهمه من يكون في منصب وزير الكهرباء ان إستطاع ان يوفر لهم 24 ساعة كهرباء من دون شعارات ولا يهم المواطن من يكون رئيساً للوزراء إذا كان بإمكانه ان ينقل البلاد والعباد من حال الى حال.
الأيام العسيرة المقبلة التي يبشرنا بها قادة الكتل ومارثون تشكيل الحكومة المقبلة ، من المرجح ان لا تكون عسرتها بسبب المصالح العليا للبلاد بقدر ما ستكون إنتاجاً مشوهاً لعملية مشوهة قائمة على تقاسم السلطة بالدرجة الأولى، فيما المطلوب هو فك الإختناق الطائفي السياسي والإنطلاق الى فضاءات رجال الدولة بكل ما تعنيه الكلمة من تجرد عن الإنتماء الطائفي والعرقي والمذهبي وعموم مفردات المكونات وغيرها.
ما زلنا حتى الآن نفتقر الى رجل يخرج البلاد من هذا المستنقع ويطلق الرصاصة على قلب هذا الإشتباك وينطلق بجرأة وشجاعة الى عالم جديد لا يخشى فيه لا الحلفاء ولا المختلفين ولا يبحث عن إسترضاءات للولاء الشخصي والسلطوي .. رجل من الطراز الذي يكتب التأريخ بلغة تعبر الواقع وتتجاوزه الى المستقبل برؤية حضارية متنورة متساوقة مع معطيات القرن الواحد والعشرين في إتجاهات بناء الدولة الحديثة القائمة على رجال الكفاءة والنزاهة والتجرد التام والمطلق من الإنتماءات الضيقة وهو في السلطة وخارجها !
حوارات سرّية حتى الآن بين قوى المكونات المتفقة والمختلفة في داخلها، وهي حوارات جس النبض، بإنتظار النتائج الرسمية للإنتخابات .. وإتهامات متبادلة من إمكانية تزوير الإنتخابات وتغيير إرادة الناخبين .. وتهديدات في الإتجاه نفسه ..
هذه هي الصورة الأولى فـي المشهـد العـراقي الآن.
فكيف سيكون هذا المشهد بعد ظهور النتائج الرسمية والنهائية؟
هل سيتقبل الجميع النتائج كما تعلنها المفوضية؟
هل سيكون الصراع حضارياً في البحث عن كراسي الوزارات؟
هل سيكون للترضيات الطائفية والمذهبية القدح المعلى للمشهد السياسي المقبل؟
أسئلة من هذا النوع وغيره تشغل البال .. ومخاوف حقيقية من إعادة إنتاج المشهد الماضي .. ومخاوف أخطر ان يكون للرصاص كلمة نتمنى ان لا يتحدث بها أحد !!