احلام يوسف
رمضان هذا العام مختلف عن كل السنين الماضية، فكورونا اجبرنا على ان نغير الكثير من العادات التي ارتبطت بهذا الشهر، اولها التزاور وتبادل الموائد والخروج الى الشارع بعد الافطار وبعد ان يستعيد الصائمون نشاطهم، اضافة الى ان البعض يختار ان يتسحر في احد المطاعم.
وفي كل سنة يؤكد الناس على موضوع ان الصيام لا يتعلق بالامتناع عن الطعام حسب، بل الامتناع عن ممارسة اي فعل شرير، لكن لا احد يلتزم الا بصيامه عن الطعام، اما الاخلاقيات والطبائع فتظل مثلما هي مع زيادة الانفعالات وحالات الغضب، فهل يمكن ان يكون موضوع كورونا والخطر المحدق بحياتنا سببا بالتغيير الفعلي في تصرفاتنا ليكون هذا ضمن زوايا اختلاف رمضان 2020 خاصة ونحن نعلم ان الخوف يقرب الناس من الله ويبدأون بالبحث عن وسائل لإرضائه؟
علياء الحسني تقول: رمضان هذا العام كئيب، فقد اعتدنا على التزاور بعد الافطار وعلى تبادل موائد الافطار بيننا وبين الجيران، لكن هذه السنة بسبب كورونا لا استطيع ان احرج نفسي واقدم الطعام لأي من الجيران لأني اعرف انهم هذه الايام حذرين من تناول الطعام من اي مصدر خارج البيت، اما اهلي واقاربي فقد اعتدنا كل عام على الاجتماع وقت الافطار يوميا في بيت واحد منا، لكننا عائلة كبيرة لا نستطيع ان نغامر بصحتنا وصحة اولادنا، فاخترنا ان نلزم البيت ونكتفي بلمتنا كعائلة.
اما بهاء الجنابي فيقول: الزمت بالحجر المنزلي طوال الاسابيع الماضية، لكني في رمضان هذه السنة لن اقوم بما اعتدت عليه، لكني احاول ان احقق توازن، قررت مع اصدقائي ان نرتب مواعيد نلتقي فيها بالتناوب، أي كل يوم مع اثنين منهم، والبقية يفعلون الشيء نفسه، هكذا سيكون لقائي بكل واحد منهم اسبوعيا على وجه التقريب، وبالوقت نفسه حرصنا على موضوع تجنب التجمعات الكبيرة.
كورونا حكمة الهية لتربينا تربية جديدة حسب رأي سماء فاضل التي قالت: حكمة الرب ارتأت ان يكون كورونا المربي العالمي لكل الناس، الخوف ما يدفع الناس الى التقرب من الرب، الخوف من الموت يجعلهم يبحثون عن وسائل لإرضائه ليضمنوا الجنة، لذلك اتأمل ان الصيام هذا العام سيكون صياما حقيقيا في الاقل مقارنة مع صيامنا كل سنة الذي نركز فيه على الاكل والشرب دون سواهما.
موضوع الصيام الحقيقي والغاية منه سبق ان تناولها “صالح مرسي” في مسلسل صيام صيام الذي عرض في ثمانينيات القرن الماضي وقام ببطولته الفنان يحيى الفخراني، اذ حاول مرسي توظيف فكرة ان الصيام لا يعني الامتناع عن الاكل والشرب بل ايضا الامتناع عن اي فعل بعيد عن دائرة الخير حتى مع العدو، والتسامح غير المشروط مع كل الناس، وتأثير هذا على المحيطين. فهل نستطيع ان نسمو بأخلاقياتنا ونرفع من شأنها؟ ان نتسامح مع من يؤذينا؟ ان نقول الحق ولو امام سلطان جائر؟