امهله حتى نهاية هذا الشهر..
متابعة ـ الصباح الجديد :
أمهل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، امس الأربعاء، الجيش السوري حتى نهاية هذا الشهر، للانسحاب خلف نقاط المراقبة التركية في إدلب، مهددا بشن عملية عسكرية هناك.
وطالب أردوغان خلال اجتماع الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية، القوات الحكومية السورية «بالانسحاب إلى ما وراء خطوط نقاط المراقبة التركية بحلول نهاية فبراير وإلا سنتصرف»، وقال «إذا تطلب الأمر فإن القوات المسلحة التركية سوف تعمل جوا وبرا وستنفذ عملية عسكرية إن لزم الأمر في إدلب».
وأضاف أنه «عند تعرض جنودنا أو حلفائنا لأي هجوم، فإننا سنرد بشكل مباشر ودون سابق إنذار وبغض النظر عن الطرف المنفذ للهجوم».
ولفت الرئيس التركي إلى أنه أخبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنه يتوجب على قوات الحكومة السورية الانسحاب من حدود «اتفاق سوتشي»، وإن لم تنسحب هذه القوات فإن تركيا ستتكفل بذلك.
وقال أردوغان إن الهجوم على الجيش التركي في سوريا كان متعمدا، ويعتبر بمثابة نقطة تحول، مشددا على أن الهجوم على الجنود الأتراك في سوريا، سيكون بداية لمرحلة جديدة بالنسبة لتركيا في سوريا.
وأشار إلى أن الجيش التركي موجود في سوريا بموجب اتفاقية أضنة، التي تتيح له القيام بعمليات عسكرية هناك.
وقال أردوغان إن كافة القوى الموجودة في سوريا تتخذ من محاربة «داعش» ذريعة لتنفيذ مخططاتها، لافتا إلى أن التفاهمات في إدلب شمال سوريا لا يجري تطبيقها بشكل فعال، والعالم ما زال يقف مكتوف الأيدي إزاء ما يحدث هناك.
ونزح أكثر من نصف مليون شخص وفق الأمم المتحدة جراء الحملة العسكرية لقوات النظام وحليفتها روسيا في شمال غرب سوريا، في واحدة من أكبر موجات النزوح منذ بدء النزاع الذي يقترب من اتمام عامه التاسع.
ومنذ كانون الأول ، تصعّد قوات النظام بدعم روسي حملتها على مناطق في إدلب وجوارها، تؤوي أكثر من ثلاثة ملايين شخص نصفهم نازحون، وتسيطر عليها هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) وحلفاؤها، وتنتشر فيها فصائل معارضة أقل نفوذاً.
وقال المتحدث الإقليمي باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا) ديفيد سوانسون لوكالة فرانس برس «منذ الأول من كانون الأول ، نزح نحو 520 ألف شخص من منازلهم، ثمانون في المئة منهم نساء وأطفال».
وشاهد مراسلو فرانس برس في الأيام الأخيرة قوافل من النازحين لدى مغادرتها مدناً وبلدات تتعرض للقصف أو تدور المعارك في محيطها باتجاه مناطق أكثر أمناً لا يشملها القصف.
وفي قرية حزانو الواقعة شمال مدينة إدلب، شاهد مراسل فرانس برس امس الأول الثلاثاء عشرات السيارات والشاحنات الصغيرة التي تقلّ نازحين مع مقتنياتهم من أوان منزلية وخزانات مياه وأدوات كهربائية وفرش وأغطية شتوية وحتى محاصيل زراعية وأخشاب.
وباتت بلدات عدة على وشك أن تصبح شبه خالية من السكان بعد فرار أهلها تحسباً من أن تصل العمليات العسكرية إليهم، مثل سرمين وبنش وتفتناز شمال وشمال غرب سراقب، المدينة التي تريد قوات النظام السيطرة عليها كونها تشكل نقطة التقاء بين طريقين دوليين استراتيجيين يربطان محافظات عدة.
ويروي محمد بهجت العبده (34 سنة) لفرانس برس كيف اضطر إلى النزوح مع عائلته لمرات عدة خلال الأسبوع الأخير.
،لا تعرف متى ستأتيك قذيفة أو صاروخ. الله المستعان». ويضيف من خلف مقود شاحنة تقلّ زوجته وأطفاله الثلاثة مع والديه وشقيقتيه، «خرجنا كلنا من تحت القصف، لا أمان اطلاقاً هناك، والخدمات من مياه وكهرباء صفر».
«جرائم حرب»
توجّه النازحون وفق الأمم المتحدة بشكل أساسي إلى مدن أو مخيمات للنازحين قرب الحدود التركية في شمال غرب إدلب.
وتعدّ موجة النزوح الأخيرة من بين الأكبر منذ اندلاع النزاع العام 2011. وهي وفق سوانسون «تفاقم الوضع الإنساني السيء أساساً على الأرض منذ نزوح أكثر من 400 ألف شخص منذ نهاية نيسان حتى نهاية آب « جراء حملة عسكرية مماثلة لدمشق بدعم من موسكو في تلك الفترة.
وتسبب التصعيد منذ مطلع كانون الأول بمقتل نحو 300 مدني، فيما أغلق 53 مرفقاً طبياً على الأقل الشهر الماضي، وفق منظمة الصحة العالمية.
وقالت لجنة الأمم المتحدة للتحقيق بشأن سوريا «في الأسبوعين الماضيين، تم الإبلاغ عن هجمات على البنية التحتية المدنية، بما في ذلك المدارس والأسواق والمرافق الطبية، تسببت في خسائر بشرية».
واعتبرت أنه «يتبع الاستهداف المتعمد والمنهجي للمشافي نمطًا وثقته اللجنة بالفعل، وقد يصل إلى حد جرائم الحرب».
كما قال منسّق مشروع منظّمة أطباء بلا حدود في شمال إدلب كريستيان ريندرز في بيان «إنَّ تعرُّض المستشفيات للضرر يعني أنه كلّما طال القتال، تزداد صعوبة وصول المصابين إلى المرافق الصحية»، مضيفاً «في حال اضطر المصابون إلى قطع مسافات أكبر قبل الحصول على العلاج، فسترتفع مع ذلك احتمالات تفاقم إصاباتهم أو احتمال وفاتهم».
ومنذ سيطرة الفصائل الجهادية والمقاتلة على كامل المحافظة العام 2015، تصعّد قوات النظام بدعم روسي قصفها لإدلب أو تشنّ هجمات برية تحقق فيها تقدماً وتنتهي عادة بالتوصل الى اتفاقات هدنة ترعاها روسيا وتركيا، كان آخرها اتفاق جرى الإعلان عنه في التاسع من كانون الثاني لكنه لم يصمد سوى أيام.
وتمكّنت قوات النظام الأسبوع الماضي من السيطرة على مدينة معرة النعمان، ثاني أكبر مدن إدلب، بعدما باتت شبه خالية. وتخوض حالياً معارك عنيفة قرب مدينة سراقب التي فرغت أيضاً من سكانها.
وتدور معارك عنيفة يرافقها غارات روسية وسورية امس الأول الثلاثاء، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، في محيط سراقب وفي ريفي حلب الجنوبي والغربي.
تصعيد تركي سوري
وباتت قوات النظام على بعد ثمانية كيلومترات جنوب شرق مدينة إدلب بعد تقدمها غرب سراقب.
وتُشكل سراقب نقطة التقاء بين طريق دولي، يُعرف باسم «أم فايف» ويربط مدينة حلب بدمشق ويعبر مدناً رئيسية عدة وصولاً إلى الحدود الجنوبية، وطريق ثان يُعرف باسم «أم فور»، ويربط محافظتي حلب وإدلب باللاذقية غرباً. وترغب دمشق باستعادة السيطرة على أجزاء من الطريقين خارج سيطرتها.
وشهد محيط سراقب ليل الأحد الإثنين الماضي تصعيداً نادراً بين القوات السورية والتركية، التي أدخلت تعزيزات عسكرية كبرى في الأيام الأخيرة إلى إدلب.
وأعلنت أنقرة الإثنين مقتل ستة من جنودها بالإضافة إلى ثلاثة مدنيين أتراك يعملون لصالحها، جراء قصف مدفعي لقوات النظام. وردّت أنقرة سريعاً عبر استهداف مواقع للجيش السوري في إدلب ومحيطها.
ولم تعلن دمشق خسائر في صفوف قواتها، فيما أفاد المرصد عن مقتل 13 عنصراً من قوات النظام.
وأبلغ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان نظيره الروسي فلاديمير بوتين امس الأول الثلاثاء أن تركيا سترد «بأكبر قدر من الحزم» في حال تعرضت قواتها لهجوم جديد من النظام السوري.
وأضاف اردوغان لبوتين بحسب الرئاسة التركية أن هجوم النظام السوري على القوات التركية «وجه ضربة للجهود المشتركة (التركية الروسية) الهادفة الى فرض السلام في سوريا».
ووصف وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو القصف السوري لمواقع تركية في محافظة ادلب بأنه «تصعيد خطير» وقال إن المسؤولين الأميركيين «يدعمون في شكل تام اعمال الدفاع عن النفس المبررة» التي قامت بها تركيا ردا على القصف.
من جهتها، نقلت وكالة الانباء الرسمية السورية سانا عن مصدر عسكري قوله إن «وجود القوات التركية هو وجود غير قانوني ويشكل عملا عدائيا صارخا»، مؤكدا ان «القوات المسلحة على أتم الاستعداد للرد الفوري على أي اعتداء من قبل هذه القوات».
وطالب الأمين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش الثلاثاء ب»وقف الأعمال الحربية» بين تركيا وسوريا في محافظة ادلب، لافتا الى «تغير في طبيعة النزاع يثير قلقا كبيرا». وبينما يقترب النزاع من اتمام عامه التاسع، باتت قوات النظام تسيطر على أكثر من سبعين في المئة من مساحة سوريا، كما تنتشر قواتها في مناطق سيطرة المقاتلين الأكراد في شمال شرق البلاد. وإثر تقدمها الأخير في إدلب ومحيطها، توشك أن تسيطر على نحو نصف مساحة المحافظـة.