سايمون هندرسون*
ستُكتب آلاف الكلمات والمقالات حول خطة السلام في الشرق الأوسط بين الإسرائيليين والفلسطينيين التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الثلاثاء. وفي أفضل الأحوال، قد تتضمن بعض المقالات إشارة عابرة إلى حضور سفراء البحرين وعُمان والإمارات، الحدث الذي استضافه البيت الأبيض. وهو أمر مؤسف لأن المصادقة الفعالة على الخطة من قبل هذه الدول له أهمية كبيرة.
وحالياً، ثمة دولتان عربيتان فقط أبرمتا اتفاقات سلام مع إسرائيل، وهما مصر و الأردن. ولم يحضر أي ممثل عنهما إلى البيت الأبيض عندما أعلن الرئيس ترامب عن الخطة بالاشتراك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وتجدر الإشارة إلى أن الرأي العام المحلي في البلدين غير راضٍ على العلاقات مع إسرائيل. غير أن البحرين وعُمان والإمـارات هـي دول خليجيـة لا تولي تقليدياً اهتماماً كبيراً – على الأقل مؤخراً – بالقضية الفلسطينية.
وبدلاً من ذلك، إن قلق هذه الدول هو إيران، التي تواجهها البحرين والإمارات عبر مياه الخليج العربي، والتي تتشارك معها عُمان في منفذ الخليج، مضيق هرمز. ومع عدم اليقين في سياسة الولايات المتحدة في المنطقة مؤخراً، تمثلت الحكمة السائدة بأن دول الخليج لم تُقدم على أي تحرك قد يزعج طهران. غير أنه يبدو من الواضح أن البحرين وعُمان والإمارات قررت أن العلاقات مع البيت الأبيض في عهد ترامب أكثر أهمية من الحفاظ على علاقات ثابتة مع إيران.
أما الدول الخليجية الثلاث الأخرى، التي تشكّل مجتمعةً «مجلس التعاون الخليجي» – السعودية والكويت وقطر – فلم تحضر مراسيم الإعلان عن الخطة. ويكمن عنصر المفاجأة هنا في موقف السعودية التي قال زعيمها الفعلي، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وإن كان ذلك في المجالس الخاصة نوعاً ما، إنه يعتبر إسرائيل شريكاً طبيعياً للمملكة في مجالي التجارة والتكنولوجيا.
لكن البحرين استضافت ورشة خطة سلام في الصيف الماضي حضرها رجال أعمال إسرائيليون؛ كما تسمح الإمارات لإسرائيل إقامة جناح في معرض «إكسبو دبي» في وقت لاحق من هذا العام؛ ومن جهتها كانت عُمان على اتصال بإسرائيل لعقود من الزمن حتى قبل زيارة نتنياهو في أواخر عام 2018. لكن السعودية لم تسمح حتى الآن بتبلور العلاقات مع إسرائيل بصورة علنية.
وبالنسبة لدول الخليج الأخرى، لطالما دعمت الكويت الفلسطينيين في تصريحاتها، رغم قيامها بطرد الآلاف منهم بسبب تعاونهم مع قوات صدام حسين المحتلة في 1990-1991. أما قطر، التي كانت، وللمفارقة، أول دولة خليجية تتعاون مع إسرائيل في أواخر التسعينيات – وهي خطوة أدانتها الدول المجاورة لها – فتفضّل الآن اعتماد موقف متوازن يميل إلى قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة «حماس»، حيث تقدّم الأموال النقدية دعماً لمشاريع الأشغـال العامـة والأسـر الفقيـرة.
ولكن هذا هو الحال في الشرق الأوسط، ويُعتبر مثال قطر بمثابة تذكير مفيد على إمكانية عكس الاتجاهات السائدة. تجدر الملاحظة أن الرأي العام في دول الخليج ليس غائباً بشكل كلي، ولا سيما في البحرين حيث تتعرض عناصر من أغلبية السكان الشيعة للتحريض من قبل إيران. وسيكون ذلك أيضاً اختباراً لسلطان عُمان الجديد هيثم الذي خلف السلطان قابوس عند وفاته في وقت سابق من هذا الشهر.
وقد تتمثل العقبة الأكثر إلحاحاً في عقد اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء في الجامعة العربية المقرر في الأول من شباط/فبراير في القاهرة. فالمنظمة لا تُحبذ الانقسام، لكن وفقاً للوضع السائد فيها حالياً، من الصعب التفكير في (اتخاذها)مشروع قرار بشأن خطة الرئيس ترامب يمكن أن يحظى بتوافق الآراء.
- عن معهد واشنطن