أديب كمال الدين
ما بينَ البكاء الأوّل والبكاء الأخير؛
قَهْقَهةٌ ساخرة.
*
أحياناً أشكُّ في ما قلتُه
فأقفُ أمامَ المرآة
وأكتبُ عليها بحروفٍ من ضَحِك:
قاه قاه قاه!
وأضحكُ ممّا أفعل حدّ البكاء!
*
أعترفُ بأنّني قد وصلتُ
بعدَ سبعين عاماً
من ماراثونِ المنافي
والوطنِ المُهشّمِ والوطنِ الذّبيح.
وصلتُ فاغرورقتْ عيناي بالدمع.
ولكنْ وصلتُ إلى ماذا؟
أإلى نقطةِ الباء
أم إلى نقطةِ الفاء
أم إلى نقطةِ الماء
أم إلى نقطةِ المستحيل؟
*
كلّما حاصرني الليلُ بأنيابه،
أضطررتُ أن أكتبَ قصيدتي
دونَ شين الغواية
أو راء الاعتراف
أو سين السّرير.
*
بابُ الاضطرارِ واسع.
نعم،
لكنَّ الدّخول إليه
- وا أسفاه –
لا يتمُّ إلّا من ثقبِ المفتاح!
*
ما أكثر ما حاصرني الليل
حتّى أنّني نسيتُ أو تناسيتُ
عنوانَ البيت
ورائحةَ النّهر
وبهجةَ القُبْلَة
ومطلعَ الأغنية
ورقصةَ الموت.
*
بابُ النّسيانِ واسع.
نعم،
لكنْ لا يتمّ الدّخول إليه
إلّا من بابِ الموت
كما يقولُ الفيلسوف
أو من بابِ الكأس
كما يقولُ المُهرّج
أو من بابِ الآه
كما يقولُ المُغنّي
أو من بابِ القُبلات
كما يقولُ صائدُ اللذّات
أو من بابِ الدّمعة
كما يقولُ الصُّوفيّ
أو من بابِ الضّياع
كما يقولُ المُشتاق.
*
بابُ الاضطرارِ واسع
وبابُ النّسيانِ واسع.
وما بين البابين
قَهْقَهةٌ لا تُطاق!