العراقيون يفضلون المحلية
وداد إبراهيم
بحزن كبير حدثني بائع الخضار (ابو ليث) من سوق الرحمانية في بغداد عن الخضار العراقية التي تتأخر في الإنتاج، وتغيب عن الموسم كله أحيانا، وان حضرت فهي رديئة، وباهتة، وقد لا تصلح للبيع فتبقى داخل السلال لا تغادرها ويقول: “الان موسم جديد للخضار الشتوية، والتي بدأت دخول الأسواق قبل أسبوعين، وامس وصلت طماطة كربلاء، وموسمها من تشرين الاول الى نهاية تشرين الثاني، ونحن بانتظار طماطة البصرة الأكثر جودة، والأفضل في البيع، الا انها تأخرت بسبب الأوضاع غير المستقرة هناك، على الرغم من دخول الطماطة التركية، والإيرانية الى السوق منذ مدة، والتي تتميز بنظافتها، وشكلها الجميل الا انها تختلف في الطعم عن الطماطة العراقية، والتي كانت تزرع في مناطق كثيرة من عموم العراق، ببذور فرنسية، لكن تصبح من اجود الأنواع لأنها تسقى بماء دجلة والفرات، إضافة الى نوع التربة، وكان للجمعيات الفلاحية دورها الكبير في تحسين المنتج العراقي.
الاستيراد أحد الأسباب التي أدت بالفلاح الى بيع ارضه فلا دعم من الدولة، من حيث تزويدهم بالأسمدة والآلات التي تساعد في عملية الحرث والزراعة والسقي، ومن حيث كونها تستسهل الاستيراد لأسباب تتعلق بالفساد الإداري، وبالتالي قل المنتج العراقي، وان وجد فيتعرقل وصوله الى الأسواق وبالتالي يلجأ المواطن الى البضائع الإيرانية او التركية. يقول البائع (ستار جبر):
المشتري يبحث عن الخضار العراقية، وحين نقول له ان هذا منتج إيراني يعزف عن الشراء، ويغادر، لأنه يعرف ان لا طعم، ولا نكهة لغير الخضار العراقية. لكن بعض الخضار العراقية مفقودة في السوق مثل البطاطا، والبصل، او انها تتأخر كثيرا، فيضطر المتبضع ان يشتري منتجات إيرانية، لأنها المصدر الوحيد لها، ما يدفع التاجر للجوء الى شراء الخضار الإيراني والتركي قبل دخول المنتج العراقي الى الأسواق.
وتابع (جبر): مثلا يغزو السوق خلال العام كله الجزر التركي والإيراني المعلب بشكل انيق ونظيف، لان الجزر العراقي لا يصلح للبيع لأنه يزرع بلا رعاية فيبدو بأحجام كبيرة جدا، علما انه يتميز بطعم حلو ما جعل أصحاب محال العصائر يفضلونه، عن بقية أنواع الجزر غير المحلي.
السيدة (ام علي) كانت تتبضع في سوق الخضار قالت: بالرغم من انه خضار شتوي الا انني اشاهد الخس الإيراني في السوق منذ مدة ولم اقترب منه، علما ان الخس العراقي لم ينضج لحد الان، ومع هذا فأنا في انتظار دخول الاجود في الطعم. نتأمل ان تدخل الخضار العراقية الى السوق ويبتعد التاجر عن ادخال الخضار غير العراقية دعما للمنتج العراقي.
وهذه رسالة بأن العراقي لا يحتاج الا للمنتج العراقي، الذي يحتاج بدوره الى رعاية من الدولة، ففي اميركا على سبيل المثال ينال قطاع الزراعة والإنتاج الحيواني، الدعم الكبير، في حين تترك القطاعات الأخرى من دون دعم، او يدعم بعضها بنحو قليل.