البصرة – سعدي السند:
شهدت احدى قاعات مركز جعفر الطيار للتأهيل الطبي في البصرة، افتتاح ورشة لتعليم فن الفخار والخزف للأبطال الراغبين من الجرحى بتعلّم هذا الفن، وبإشراف الخزافة سمية البغدادي، وورشة أخرى ستبدأ في الأسبوع المقبل لتعليم فن الرسم بإشراف الفنانة التشكيلية خلود بناي البصري.
قالت الخزافة سمية البغدادي: يبدأ العمل عادة بثلاث مراحل، الطين “المادة الأساسية” والفخر ويكون بعد التشكيل والزخرفة، والفرن.
واضافت: يعتمد الطين المستعمل في صناعة الفخّار على نوع خاص من التراب يتم جمعه وجلبه إلى المشغل، وأقوم بشراء هذا النوع الخاص من بغداد، حيث يتم طحن الكتل الكبيرة منه بواسطة آلة مخصصة لطحن التراب، ومن ثم يمر بمرحلة الغربلة ويتم نزع الشوائب والحصى، ومن ثم (النخل) ويجري بواسطة منخل بثقوب ناعمة تعمل على إنزال التراب الناعم فقط في آلة العجن، حيث تضاف له كمية محددة من الماء، وتبقى هذه العملية حتى تتجانس المواد وتصبح الطينة جاهزة للتشكيل.
وتحدث الفنانة سمية خلال الورشة عن تاريخ صناعة الفخار: صناعة الفخّار عاصرت تاريخيّاً مجموعةً من المراحل الزمنيّة ومن أهمّها مرحلة ما قبل التّاريخ، وقد اهتمّ الخزّافون في اليونان القديمة ومنطقة بحر إيجة بصناعة الفخّار ذي اللّون الأحمر، مع التّركيز على استعمال مجموعةٍ من الأشكال والزخارف المتنوّعة، التي ارتبطت بتراث تلك الحِقبة الزمنيّة وظهرت عدّة أوانٍ فخّاريّةٍ في العصر البرونزيّ.
وتابعت: شهدت صناعة الفخّار تطوُّراً ملحوظاً في عصر الإمبراطوريّة الرومانيّة حيث أُدخِل الزّجاج والرّصاص في صناعته لزيادة صلابة قطعة الفخّار، وشهدت صناعة الفخّار في العهد الإسلاميّ في كلٍّ من مصر، وبلاد الشام، وبلاد الرّافدين، ومناطق الأناضول منافسةً ملحوظةً مع المناطق الغربيّة والأوروبيّة في صناعته، وتحديداً في الفترة الزمنيّة الواقعة بين القرنين التاسع والثالث عشر للميلاد إذ ظهر تأثير الفنون الإسلاميّة على صناعة الفخّار الذي تميّز بحرفيّةٍ عاليةٍ، وجودةٍ لا تُقارَن مع الفخّار المصنوع في البلاد الأخرى، وانتشرت الأواني الفخّاريّة في العديد من القصور، والمعالم التاريخيّة الإسلاميّة، واسهم الخزّافون المسلمون في ابتكار العديد من الصناعات الفخّاريّة التي استعانت بها الشعوب الأخرى في أعمال الفخّار، ممّا أدّى إلى انتشارها في معظم أنحاء العالم. اما مرحلة العصر الحديث فقد شهدت صناعة الفخّار فيها تطوّراً ملحوظاً وخصوصاً في قارّة أوروبا، إذ ظهرت العديد من المصانع المتخصّصة في صناعة الفخّار، كما استُعملت مجموعة من الأدوات والوسائل التي اسهمت في تطوّرها وزيادة الإنتاج الخاصّ بها في أغلب الدّول.
وزعت بعد ذلك الفنانة سمية البغدادي قطعا من الطين على الأبطال المتدربين كدرس عملي خلال الورشة، وتفنن المشاركون في عمل التشكيلات التي رغبوا بها وبإشرافها. وجرت بعدها حوارات ومداخلات للإجابة على أسئلة واستفسارات المتدربين عن صناعة الفخار والخزف وأسهل الطرق لتعلّم هذا الفن التشكيلي الجميل.