حميدالحريزي
(تحولات الانسان بين القرية والمدينة، الانسان في دوامة القلق بين التمدن والبداوة، بين الشاعرية والحقيقة، تختفي الكثير من اصابع الواقع، لي عينان ابصرتا مالم يبصره غزال شارد).
هذه الرواية تعالج هذه الاشكالية وتضع الماء على أرض جرداء، لتتضح الحقيقة ويبقى البطل، شامخ الوجدان، قوي الارادة واثق الخطوة، يمشي ملكا .. ابراهيم الاعاجيبي الغلاف الاخير للرواية.
الرواية من إصدارات مؤسسة العطار للطباعة والنشر-العراق النجف 2018، رقم الايداع في دار الكتب والوثائق ببغداد (3189) لسنة 2018.
نرى ان عنوان الرواية يفصح تماما عن مضمونها / فهي تحكي قصة شاب قروي، يتطلع الى عالم افضل له ولأبناء قريته وبلده بمغادرة الجهل والتخلف، مغادرة العادات والتقاليد المعيقة للتقدم والتحضر كالعادات العشائرية والقبلية، الثأر، وامتهان كرامة المرأة، وهيمنة الثقافة الذكورية والتسلط التي سأمها احمد «مللت حياة القرية وملتني واريد الخلاص من هذه التعاسة « ص23، يتفوق في دراسته الاعدادية ويحصل على القبول في كلية الهندسة الحلم الذي طالما راوده، وانتقل الى المدينة الحلم مدينة بغداد حيث الثقافة والتحضر كما يرى ((احمد )).
يعيش قصة حب عذري مع زميلته ندى في كلية الهندسة المعمارية، يعيش اعذب واطيب ايام وسنين حياته، ينجح كل عام بتفوق، يتجاوز الحبيبان معارضة عائلة ندى نظرا لوجود فوارق طبقية ومذهبية وجغرافية بينهما، عائلة ندى بغدادية ثرية وعائلة احمد عائلة فلاح في ريف ذي قار، ولكن بعد نجاح احمد بتفوق يعين معيدا في الكلية بعد ان يجتاز امتحان الماجستير بنجاح وهو شرط والد ندى للقبول به زوجا لابنته، تتم الموافقة ويعقد القران وسط فرح وبهجة الاحبة والاصدقاء وبذلك يختتم الاعاجيبي روايته بعد ان يحقق الشاب طموحه في العلم والحب .
عرج على خيانة الامانة والشرف من قبل بعض المدرسيين والمعلمين وتعاملهم الشاذ مع طلابهم وطالباتهم كما حدث مع ندى.
الرواية تقليدية الاسلوب السردي، تتحدث بلسان وحال المؤلف ، حيث لا وجود لسارد عليم ، ولا اثر لشخصيات مستقلة عن المؤلف تتحدث عن نفسها ، متسلسلة الاحداث ، هناك الكثير من التكرار والاعادة بخصوص التقاليد المتخلفة ((نظام قبلي جاهلي غير متحضر ونزعة دموية متهورة)) ص10 ، وطموحات الشاب احمد الذي يعيش غربة وسط القرية وعاداتها وكأنه قادم من كوكب آخر دون ان يقدم الروائي المقدمات لاكتسابه ثقافة التحضر والتطور ليكون مختلفا عن ابناء قريته (( مشكلة احمد كمشكلة كل العظماء ، فهم يعانون من الوحشة والالم )) ص16!!
اسهاب في توصيف المشاعر والاحاسيس بينه وبين حبيبته. هناك الكثير من الارباك والركاكة في الكثير من الجمل والعبارات الواردة في ثنايا السرد مما يدل على فقر الخزين اللغوي للكاتب وحاجته للاكثار من القراءة والمطالعة. وهذا ليس غريبا لمن في عمره ومن جيله فربما يعتبر متفوقا على مجايليه بثقافته وطموحه ونتاجه الادبي والكتابي.
الانعطاف غير المبرر في السرد وبغير مقدمات ((ص49)) وهو جالس في مقهى الكرادة ليصف دار المحامي ((محسن)) ((وبقرب مقهى يدعى الكرادة الشرقية على بعد ثلاثمائة خطوة يقع بيت المحامي محسن عبد الرحمن والد كل من مصطفى وكمال وعمر وندى وبيتهم بمساحة مئتي متر مربع وذو طابقين، في الطابق الاول مطبخ ومكان للضيوف وصالة وممر في مقدم البيت حديقة خضراء جميلة تسلب لب المارة ….)) ص49 وهكذا يستمر في توصيف ادق التفاصيل في بيت وحياة المحامي دون سابق معرفة او مقدمة وقبل ان يتعرف على ندى وحتى يحلم بها.
هنا خلل كبير في حبكة الرواية كان يفترض ان لا يقع فيه الكاتب، فلا بأس ان يوصف كل هذا الوصف بعد تعرفه على ندى وزيارة دارهم ولو لمرة واحدة على الاقل فهو لم يصارحها بحبه الا في ص367 من الرواية وفي السنة الثانية من المرحلة الدراسية ؟؟
كذلك وقع الروائي في مفارقة كبيرة ففي الوقت الذي يذكر في اعلاه ان بيت اهل ندى في الكرادة الشرقية، يخبر والده في ص431 ان بيت اهل ندى في الاعظمية ؟؟!!.
الرواية دعوة للشباب للكفاح من اجل الحب والعلم وتجاوز الصعاب بالمثابرة والجد والاجتهاد، وهي دعوة للتحضر والتقدم ونبذ التعصب العرقي والطائفي والقبلي ونبذ التمييز ضد المرأة.
نتمنى عليه وعلى الكثير من الشباب الطامح والمحب للأدب ان يثري نفسه بقراءة المزيد من الروايات والنقد الادبي وكيفية كتابة الرواية واتقانها من حيث الحبكة والاسلوب والثيمة المختارة.
• ضمن دراسة موسعة يعكف عليها الناقد حول الرواية النجفية في الماضي والحاضر.